لحظة شروق الشمس لحظة ميلاد النور من الظلمة

لحظة شروق الشمس لحظة ميلاد النور من الظلمة :-
لحظة شروق الشمس لحظة ميلاد النور من الظلمة
لحظة شروق الشمس لحظة ميلاد النور من الظلمة

كانت لحظة شروق الشمس عند قدماء المصريين لحظة مقدسة , يستقبلها الكهنة استقبالا خاصا , فمن أجلها يستيقظون قبل الفجر و يغتسلون و يتطهرون , و يتعطرون بالبخور . ثم يتطلعون الى الأفق رافعين كفوف الأيدى بالتحية و التبجيل للنور الالهى الذى خرج من الظلمة .
و السر فى تقديس لحظة شروق الشمس يكمن فى علم نشأة الكون , ذلك العلم الذى كان هو محور الديانة المصرية .
فالطقوس المقدسة فى مصر القديمة تدور كلها حول اقامة الصلة بما يعرف ب "الزمن الأول" , و هو الزمن الذى وقعت فيه أحداث النشأة
الأولى .
و تختلف نظرة قدماء المصريين لنشأة الكون عن نظرة انسان العصر الحديث .
ففى حين ينظر انسان العصر الحديث الى أحداث نشأة الكون على أنها وقعت فى الماضى و انتهت , نجد أن نظرة قدماء المصريين للنشأة أكثر عمقا .
فالزمن الأول عند المصرى القديم هو أحد أبعاد الكون الخفية , و هو أحد العوالم الباطنية التى توجد خارج حدود الزمان و المكان التى تحكم عالمنا المادى .
لا يمكننا ان نطبق قوانين الزمان و المكان التى نعرفها على الزمن الأول , و بالتالى لا نستطيع القول بأن أحداث نشأة الكون وقعت فى الماضى و انتهت , أو أنها ستقع فى المستقبل . فالزمن الأول فى حالة حضور دائم , و الكون فى حالة خلق دائم , و لو توقفت عملية الخلق , لكانت هذه هى نهاية الكون .
فالكون ما زال يولد من جديد كل لحظة . و "رع" ما زال يخرج من مياه الأزل "نون" فى كل لحظة .
و اذا كان للزمن الأول قوانين تختلف تماما عن عالمنا المادى , الا ان هناك لحظات معينة يلتقى فيها الزمن الأول / الالهى / المقدس مع الزمن الذى نعرفه فى عالمنا المادى .
و من تلك اللحظات المقدسة لحظة شروق الشمس , فعندما تشرق الشمس فى الأفق عند بداية كل يوم جديد , يحدث اتصال بينها و بين "رع" (النور الالهى) الذى خرج من ظلمة مياه الأزل عند النشأة الأولى . ذلك الخروج و التجلى للنور الالهى من قلب الظلمة كان هو السبب الذى أدى بعد ذلك الى خلق الشمس و القمر و الأرض و السماء .
و عندما كان المصرى القديم يرفع كفوف الأيدى باتجاه الشمس لحظة الشروق , لم يكن بذلك يقصد تبجيل الشمس فقط و انما هو يرفعها تبجيلا ل "رع" للنور الالهى الذى انبثق من ظلمة مياه الأزل لتخرج منه بعد ذلك كل المخلوقات .
كان كل ما يفعله المصرى القديم من طقوس هدفه الاتصال بما وراء
هذا العالم المادى الاتصال بعالم الروح بالأصل الذى خرج منه
كل شئ .
و النور الالهى (رع) هو الأصل الذى خرج منه نور الشمس .