قائمة الروابط
محافل مميزه
الارشيف
لمتابعة جديد الموقع
نشأة الكتابة فى مصر القديمة
5:00 ص |
Posted by
حتشبسوت الصغيرة
نشأة الكتابة فى مصر القديمة
لقد مر الانسان فى عصور ما قبل التاريخ بمرحلتين حضاريتين اساسيتين هما : جمع القوت , وانتاج القوت .
اما المرحلة الاولى وهى مرحلة جمع القوت فهمى المرحلة التى كان الانسان يسعى فيها باحثا عن قوت يومه , فكان يخرج للصيد البرى او النهردى او الببحرى عله ينجح فى اصطياد حيوان او طائر , كما كان يقوم بأقتلاع جذور النباتات البرية وبعض اوراق الاشجار ليسد بها رمقه
وخلال هذه الفترة الزمنية الطويلة كان على الانسان ان يعيش حياته متنقلا من مكان لاخر , يبحث عن مأوى هنا وهناك وفى وقت لم يكن له من ملبس ليستر به عورته ويقى به نفسه حرارة الصيف وبرودة الشتاء .
واذا كنا لا نستطيع ان نحدد متى بدأت مرحلة جمع القوت فأنه من الممكن معرفة متى انتهت هذه المرحلة , ليبدأ الانسان مرحلة جديدة هامة فى حياته , والتى تتمثل فى استئناس الحيوان , واشعال النار وعرفة الزراعة , وهى ظفرات حققت للأنسان الاستقرار , حيث ضمن بأستئناس الحيوان مخزونا من الطعام وتحول من آكل للحم النىء الى اكل للحم المطهو بعد اكتشاف النار , هذا الاكتشاف الذى جعله يحول اوانيه من طين الى فخار , ويستمتع بالدفء فى فصل الشتاء , ويبدد ظلمة الليل .
وكان اكتشاف الزراعة بمثابة
الاستقرار الفعلى للانسان الذى ارتبط بفيضان النيل وبدورة زراعية وببذر البذور والحصاد , واقام لنفسه مسكنا بالقرب من زراعته , وصنع لنفسه ملابس من الكتان وكون لنفسه اسرة , وبدأ يتبادل المصالح مع المجتمعات السكانيه المجاورة وكان هذا الاستقرار كافيا لينتقل الانسان من مرحلة جمع القوت " وهى مرحلة الاشباع المادى " الى مرحلة الاشباع الفكرى والذهنى والفنى , والى التفكير فى خلق الكون وفيما يجرى من حوله , وبدا يفكر فى القوة الكونية المحيطة به , ولاحظ ان الشمس تشرق وتغيب ثم تشرق من جديد والقمر يسطع ثم يختفى ثم يضىء من جديد , وان النبات ينمو ثم يحصد ثم ينمو من جديد , وان النيل يفيض ثم يغيض ثم يفيض من جديد , هذه الدورة للشمس والقمر والنبات والنيل هى التى اوحت له بالقطع بحياة ما بعد الموت , بمعنى انه يحيا لفترة مؤقته ثم يموت لفترة مؤقته , ثم ثم يبعث من جديد لابد الآبدين
الاستقرار الفعلى للانسان الذى ارتبط بفيضان النيل وبدورة زراعية وببذر البذور والحصاد , واقام لنفسه مسكنا بالقرب من زراعته , وصنع لنفسه ملابس من الكتان وكون لنفسه اسرة , وبدأ يتبادل المصالح مع المجتمعات السكانيه المجاورة وكان هذا الاستقرار كافيا لينتقل الانسان من مرحلة جمع القوت " وهى مرحلة الاشباع المادى " الى مرحلة الاشباع الفكرى والذهنى والفنى , والى التفكير فى خلق الكون وفيما يجرى من حوله , وبدا يفكر فى القوة الكونية المحيطة به , ولاحظ ان الشمس تشرق وتغيب ثم تشرق من جديد والقمر يسطع ثم يختفى ثم يضىء من جديد , وان النبات ينمو ثم يحصد ثم ينمو من جديد , وان النيل يفيض ثم يغيض ثم يفيض من جديد , هذه الدورة للشمس والقمر والنبات والنيل هى التى اوحت له بالقطع بحياة ما بعد الموت , بمعنى انه يحيا لفترة مؤقته ثم يموت لفترة مؤقته , ثم ثم يبعث من جديد لابد الآبدين
هكذا آمن المصرى القديم بجوهر ومركز الثقل فى الحضارة اى البعث والخلود وكان من حسن حظ مصر ان كان الانسان المصرى مهيأ لكى يتعامل مع الطبيعة ويتفاعل معها لكى ينجزا لنا معا الحضارة الرائعة التى نرى شواهدها فى كل مكان على ارض مصر
وفى ظل الاستقرار بدأ الانسان يخطو خطواته الاولى بثقة ورسوخ نحو الفن , فبدا يشكل من مواد لينه مثل الطين تماثيل لكائنات فى الطبيعة تشغله فى حياته اليومية فى زراعته وصيده ورعيه
وبدأ يسجل على الصخور بعض المناظر التى تمثل انشطته المختلفة وتعبر عن محاولاته المستمرة لفهم العناصر التشريحية للانسان والحيوان والطير والزواحف ولبعض الموجودات فى الطبيعة مثل المياه والصحراء والجبال .... الخ
وذلك فى أطار ما نعرفه بـ " المخربشات " وهى مرحلة وسط بين النقش والرسم , حاول الانسان من خلالها ان يعبر -فى اشكال بلا نسب - عما يجرى من حوله فى الكون .
وعندما تعددت انشطته اليومية وازدادت التجمعات السكانيه كان على الانسان ان يتبنى وسيلة ثابته للتعبير عن افكاره , ولتسجيل احداث حياته اليومية وليس من شك فى ان الانسان ظل لفترة طويلة يتعامل بوسائل مؤقته للتعبير عن الفكرة , ولعل من ابرزها استخدام الاشارات او الرموز التصويرية لتحقيق التفاهم بين الافراد . والاشارة باستخدام الرموز او العلامات التصويرية قد تخدم الفكرة فى لحظتها , ثم تنتهى الفكرة بأنتهاء استخدام الاشارة . ولابد ان الانسان قد ادرك فى وقت ما ان الاشارة او الرمز لا يمكن ان تفى بكل ما يريد ان يعبر عنه , فالكثير من المعانى الجماليه والقيم والمبادىء وكذلك المعاملات بين الناس , كل هذه وغيرها كانت تحتاج لمفردات لا يمكن التعبير عنها بالرموز .
ثم ان الانسان عندما خطا خطوات واسعة فى مجال العقائد الدينية والانشطة المدنية والعسكرية , ادرك انه لابد من تسجيل احداث بعينها , ولعل ابسطها ان ايمانه بحياة ما بعد الموت جعله يسعى للحفاظ على الجسد لكى تتعرف عليه الروح وتدب فيه , ومن بين وسائل الحفاظ على الجسد وضمان خلود الانسان اسمه الشخصى والذى كان لابد من تسجيله على جدران مقبرته وعلى تماثيله وعلى اثاثه الجنائزى وغيره .
ومن هنا نجح المصرى بعد جهد جهيد فى ان يحقق هذا الحدث الهائل - الوسيلة الثابته فى التعبير عن الفكرة - أى " الكتابه " التى نقلته من مرحلة عصور ما قبل التاريخ الى العصور التاريخية أى ان الكتابة هى الحد الفاصل بيعن عصور ما قبل التاريخ والعصور التاريخية التى بداتها مصر قبل الاسرة الاولى بما يزيد عن قرنين من الزمان على اعتبار ان الكتابة هى مادة تسجيل تاريخ وحضارة الانسان المصرى القديم .
وجاء اختراع الكتابة تعبيرا عن الاستقرار الذى تحقق للانسان المصرى , الاستقرار المادى والمعنوى وتعبيرا عن ان هذا الانسان كان مهيئا قبل غيره للنهوض بعبء هذه الخطوة البارزة على طريق حضارته الرائده
ثم هى تعبير عن التى عاش الانسان المصرى القديم فى رحابها ساعدت على تحقيق الاستقرار له , ذلك الاستقرار الذى افرز الكثير من الابداعات . فالمناخ المناسب المستقر الى حد كبير , والارض المستوية فى معظم ارجاء البلاد والنيل شريان الحياة الذى ربط البلاد من اقصاها الى اقصاها , وحقق لها كل الخير والرخاء .
كل هذه العوامل وغيرها دفعت بالانسان المصرى القديم الى استثمار كل المقومات للنهوض ببلده وتحقيق الاهداف التى ينشدها
ولسنا نعرف على وحه التحديد متى حقق الانسان المصرى القديم هذا الانجاز " اختراع الكتابة " وان كنا نعرف ان الاسرة الاولى بدأت فى حوالى القرن الحادى والثلاثين قبل الميلاد , وان هذه الاسرة تمثل اللبنات الاولى فى بناء الحضارة المصرية القديمة , وانها قد شهدت محاولات جادة للكتابة الهيروغليفية فلابد وان محاولات الانسان المصرى القديم قد بدات قبل الاسرة الاولى بحوالى قرنين من الزمان , تشير الى ذلك بعض الشواهد فى الفترة المتأخرة من العصر الحجرى الحديث وعصرى ما فبل الاسرات وقبيل الاسرات , حين حاول المصرى - مستلهما من الطبيعة - ان يسجل بعض العلامات التصويرية وبعض المفردات البسيطه
ويؤكد " فلندرز بترى " ظهور المحاولات الاولى للكتابة التصويرية فى مصر فى عصر حضارة نقادة الاولى , حيث ان العلامات التصويرية التى ظهرت على اوانى هذا العصر هى - فى رأيه - رموز كتابيه - لكونها علامات اخرى فى نقادة الثانية , ثم ظهرت بعض العلامات التصويرية فى مناطق اخرى وهكذا حتى تزايدت العلامات فى الاسرتين الاولى والثانية وظلت تتطور بين الحذف والاضافة حتى الدولة الوسطى .
______________________________________
الموضوع من كتاب / اللغه المصرية القديمة .
الاستاذ الدكتور / عبد الحليم نور الدين .
أستاذ اللغة المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة القاهرة .
Labels:
تطور اللغة الفرعونية