تاج مصر Crown of Egypt

الأساطين المصرية القديمة "الدعامات"
يختلف الأسطون (الدعامة) عن العمود. وربما أن النموذج الأصلى ھو الصارى البدئى الذى
كان يستعمل لدعم وسند أسقف المساكن الخاصة أو العامة المشیدة من الخشب أو أغصان
الأشجار. وعادة، كانت ھذه الدعامة تُسند على
قاعدة حجرية حتى تنغرس فى أعماق الأرض اللینة . ولقد تراءت ھذه القاعدة الحجرية دائما فى مجال المعمار الحجرى،ولكن بشئ من
التھذيب والإستدارة.
وتتفرع الأساطین المصرية إلى نوعین: الأولى تبدو فى ھیئة جذوع، لا تجسد أى عنصر
من عناصر الطبیعة؛ أما الأخرى، فھى تمثل إحدى النباتات (زھور). وفى نطاق الفئة الأولى، يمكن
وأيضا الأسطوانیة الشكل. وھذه ،"protodoriques إدماج الأعمدة المعروفة تحت إسم "بروتودورية
الأخیرة تبدو فى ھیئة أسطوانیة تشید من عدة قواعد حجرية؛ ويلاحظ أن ھذا النمط نادر الوجود .
وقد بدأ ظھورھا استھلالا من الأسرة الخامسة، ثم توارت إلى حد ما بعد ذلك؛ ولم تعاود ظھورھا
إلا فى عصر الرعامسة (نھاية الدولة الحديثة )، وقد أطلق علیھا العالم الفرنسى شامبلیون
إسمھا ھذا، فقد تراءت، بصفة استثنائیة طارئة من خلال المجمع المعمارى الخاص بالملك
"زوسر" فى سقارة، فى ھیئة أساطین مضلعة الشكل زُينت قمم بعضھا بما يشبه ورقتین
مستطیلتین تنسدلان على جانبى الدعامة. ولقد سمى ھذا الطراز بتسمیة متطابقة بالفعل :
"المضلعات" أو "المتعدد الزوايا". ولقد تطور تطورا ملموسا خاصة خلال "الدولة الوسطى ": حیث
شیدت أعمدة تتكون من ثمانیة أو ستة عشر واجھة. وعادة، كانت تُنقش بعض الكتابات فى وضع
رأسى، بطول الضلع الأمامى.
وعن الإبتكارات الزھرية، فقد ظھرت خلال الأسرة الخامسة (ومع ذلك، فقد شوھدت
أعمدة بردية القمة فى آثار الملك زوسر). وجمیعھا اقتبست أشكال الزھور الدارجة فى أجواء أرض
وادى النیل؛ وتتمیز بالحداثة وجمال الابتكار فى نطاق المعمار العالمى بأثره . فھا ھى شجرة
النخیل، على سبیل المثال قد بدت فى شكل متحجر: شیدت فى ھیئة دعامة أسطوانیة تكونت
قمتھا من تسع سعفات نخیل تشرأب بأعناقھا إلى أعلى نحو السماء. ولكن، يلاحظ أن ھذا الطراز
!
قد توارى إلى حد ما خلال "الدولة الوسطى ". ولكنه، استعاد ازدھاره وتألقه ثانیا عند حكم
البطالمة.
وفیما يتعلق بالنمط المقتبس لشكل زھرة اللوتس، فھو يتكون من : عمود محزوم القمة
يمثل أربعة أو ستة أفرع من نبات اللوتس متعانقة فیما بینھا ومحزمة معا بواسطة شريط : والقمة
برمتھا، تصور زھرة اللوتس المزدھرة المتفتحة إلى درجة ما. وقد اختفى ھذا الطراز خلال "الدولة
الوسطى". ولكنه، ھو الآخر، أصبح طرازا رائجا للغاية فى عھد البطالمة.
وعن النمط البردى الشكل، فھو كما يدل إسمه قد أُستوحى من نبات البردى: وھو الأكثر
شیوعا وانتشارا دون غیره؛ إنه بمثابة الطراز المصرى بكل معنى الكلمة. وفى ھذه الحالة، نرى
الجذع مكون من ستة أو ثمانیة أضلاع مثلثة الشكل ، أما قمته، فھى زھرة البردى متفتحة أو
مقفلة على نفسھا. وفى أجواء الدولة الحديثة، ساد الإتجاه إلى توخى البساطة، فظھر بذلك
جذع على ھیئة فرع بردى واحد فقط، وبدون أية بروزات، وتتوجه زھرة متفتحة يانعة شبیھة
بالجرس المقلوب. ونفس الاتجاه إلى التجرد والتبسیط ساد أيضا خلال الأسرة التاسعة عشرة،
وأدى إلى إبتكار طراز بردى الشكل أحادى الجزع.
وفى عصر البطالمة، أُخترع ما يعرف بالأسلوب المركب : أى أنه مُزج ما بین الأسالیب
الزھرية الثلاثة. وفى ذات الحین، تحولت قمة الأعمدة إلى باقات مركبة ومتشابكة : أمكن تبويبھا
إلى سبعة وعشرين نوع متباينة عن بعضھا بعضا. وعلینا، فى ھذا المجال، أن نقر بأن كلمة "تاج
العمود" تعد بمثابة عبارة إصطلاحیة. والسبب: أنه بالنسبة للأسطون أو العمود المصرى القديم، لا
يعد تاجه مجرد عنصر زخرفى مضاف إلیه؛ بل ھو بالأحرى تكملة لھذا الجذع وإستمرارا له : إنه
بمثابة تفتح الزھرة وتألقھا المنبثقة من جذعھا.
وأخیرا، فھناك أيضا نمط آخر من الأعمدة والأساطین التى تمیزت بندرتھا وقلتھا إلى حد
ما؛ والتى تراءت غالبا بداخل المعابد المكرسة للإلھة حتحور. إنھا: الأعمدة أو الأساطین التى تبدو
على شكل "حتحور" أو بالتحديد الحتحورية الھیئة. ولذا، يرتفع جذعھا فى شكل "صلاصل"؛ وھى
آلة موسیقیة خاصة بالربة حتحور. وتاجھا مربع الشكل، يمثل رأس ھذه الإلھة. وفى بعض الأحیان
تتوج مثل ھذه القمة جذوع أسطوانیة أو أعمدة مربعة الطراز: وقد ساد ھذا النمط خلال "الدولة
الوسطى". وفى النھاية، تجدر الإشارة إ لى أن الأعمدة والدعامات كانت، فى أغلب الأحیان
تزخرف برسوم ونقوش بارزة وكتابات، وتلون بألوان واضحة صريحة.