تاج مصر Crown of Egypt

البحرية الحربية الفرعونية القديمة في مصر القديمة

البحرية الحربية الفرعونية القديمة في مصر القديمة 
حقا، نحن لا نعلم الكثیر عن البحرية الحربیة المصرية. ولكن، من المؤكد، أن المصريین،
بداية من العصر الثینى، قد ارتبطوا بعلاقات تجارية مع الفینیقیین فى "جبیل" بوجه خاص . ولكن،
من المؤكد أن ھذه التعاملات التجارية كانت
تمارس بواسطة سفن تجارية. ولاشك أننا قد عرفنا أن "خوفو" كان له أسطوله البحرى، الذى يقوده قبطانه "مريب". ولكن، كان علینا أن ننتظر طويلا، حتى مجئ الفرعون "ساحو رع"، ثانى ملوك الأسرة الخامسة : حیث رأينا فوق جدران معبده
الجنازى، "بأبو صیر"، مشھدا لحملة بحرية حربیة تمخر عباب البحر الأحمر. وخلال الأسرة التالیة،
بینت لنا الرسوم الوزير "أونى" من خلال إحدى حملاته ضد بدو سیناء، على متن أسطول بحرى .
ولكننا لسنا على يقین عما إذا كانت سفنه ھذه مزودة بعتاد وسلاح لخوض المعارك الحربیة.
وھكذا، كان الحال مبھما وغامضا فیما يختص "بالدولة الوسطى". وبالإضافة لذلك، لا يبدو
أن السفن التى أرسلت إلى بلاد "بونت" كانت بمثابة أسطول حربى بكل معنى الكلمة . وأخیرا،
وخلال "الدولة الحديثة"، ظھرت الوحدات البحرية الفعلیة . وكانت تسمى "منشو ". أما السفن
الخاصة بالتنزه والمرح، فتعرف باسم "بورى ". ولكن، فى نھاية "الدولة الحديثة "، أحطنا علما
بالسیرة الذاتیة الخاصة "بأحمس بن أبانا": وعرفنا أنه خاض معارك ضارية، فوق صفحة میاه النیل
ضد الھكسوس الغزاة المحتلین. عموماً، من الواضح أن تحتمس الثالث، بصفة خاصة، ھو المنظم
الفعلى للبحرية الحربیة المصرية. فقد ألزمته حملاته إلى قارة آسیا بأن يمتلك أسطولا بحريا حربیا
لیكفل حماية السواحل المصرية، ولیصل ھو وجیشه إلى مواقع القتال. وبذلك، ففى العام الذى
استولى فیه على "قادش"، نزل مكتسحا ھو وفرقه العسكرية فى "لیمیرا "، المیناء الفینیقى
الأكثر قربا من "قادش ". وفى العام التالى، وبقوة أسطوله وبسالته، تمكن من إخضاع بقیة
الموانئ الفینیقیة جمعاء.
ولكن، لاشك مطلقا ، أن رمسیس الثالث، ھو أكثر الملوك براعة وتمكنا فى تأسیس
أسطول بحرى قوى الأسس شديد البنیان: فقد كان يتوجس ويتنبأ بتطلعات وأطماع أولئك
القراصنة المسمون "شعوب البحر ". ونحن إذا تطلعنا إلى الرسوم البارزة فوق جدران معبده
بمدينة ھابو، سوف نشاھد، تفاصیل معركة بحرية حربیة على سواحل مصر القديمة : فقد مركز
رمسیس الثالث أسطوله الحربى عند ثغور النیل، مكونا بذلك جسرا فعلیا منیعا . وأخذت السفن
تطوى قلوعھا، واستقر النبالون ومصوبو الرماح والمقاتلون فى أماكنھم على متن السفینة . وفوق
سطح السفن وبمقدمتھا، وقف الجنود الأشداء وقد ت سلحوا بھراواتھم ودروعھم . ونلاحظ أن
السفن المصرية قد زخرفت مقدمتھا بشكل يمثل رأس أسد. أما تلك الخاصة بالأعداء فإن
مقدمتھا ومؤخرتھا تشرأب عالیا على ھیئة عنق بجعة.. وانھال المصريون بوابل من النبال والرماح،
قبل أن يلتحموا مع أعدائھم، الذين لا يتسلحون إلا بسیو ف فقط لا غیر . وتبین المشاھد بعض
سفن العدو وقد انقلبت رأسا على عقب (بالرغم من أن "ماسبیرو " يرى عكس ذلك !!). عموما،
على ما يبدو، أن أى معركة بحرية لا تختلف مطلقا عن أخرى برية . وبمجئ الإغريق بعد عدة
!
أجیال، عُرفت الاستراتیجیة البحرية.
وبالنسبة لجنود البحرية، كانوا يسمون بالأوعو، مثلھم كمثل الجند المشاه الاعتیاديین .
وعادة، تخضع السفینة الحربیة لأحد كبار الضباط، أى "قائد طاقم السفینة ". وھناك أيضا ھذه
الرتبة البحرية الكبرى: "رئیس أشرعة أسطول الفرعون". وھى تضارع، فى عصرنا الحالى، مرتبة
"الأمیرال". ولكن الملك ھو المشرف الأعلى على الأسطول برمته . ولذا، فإن كافة كبار قادة
البحرية كانوا ملزمون بالمثول أمامه لتقديم تقاريرھم . وفى ھذا المجال، يقول "ھیرودوت "، أن
الفرعون "نخاو " قد أوكل إلى الإغريق بصفة خاصة مھمة تكوين أسطول بحرى من السفن
المعروفة "بالثلاثیة المجاديف"؛ ولیس ھناك أدنى شك أن قادتھا كانوا من الإغريق أيضا . أما عن
أساطیل الملوك البطالمة، الذين اكتسبوا أھمیة حديثة فى إطار التاريخ المصرى، فقد صممھا
ونفذھا الإغريق. بل وقادھا قباطنة إغريق، بالأسلوب الإغريقى.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموسوعة الشاملة للحضارة الفرعونیة
تألیف: جى راشیه
ترجمة: فاطمة عبد الله محمود
مراجعة وتقديم: د.محمود ماھر طه