المكتبة

محافل مميزه

الارشيف

لمتابعة جديد الموقع

البريد الإلكتروني " الإيميل "

النحت عند المصري القديم

النحت عند المصري القديم
النحت عند المصري القديم 

إنه حقا لمترامى الأطراف عالم النقوش والنحت ھذا: بداية من تلك التماثیل الدقیقة الحجم الممثلة لبعض الحیوانات، والنماذج والأوشابتى، وحتى تماثیل أبو الھول الضخمة والأخرى العملاقة المقايیس، وأكثرھا شھرة وذيوع صیت عملاقى "ممنون". وقد تنوعت وتغايرت المواد التى قدت منھا كافة ھذه الأشكال: خشب، طین محروق، مختلف أنواع الأحجار (مرمر، حجر صوان ھیماتیت، حجر الحیة، جرانیت، حجر متبلور، حجر جیرى)، عاج، وخزف (صلصال مصقول )، ونحاس، وبرونز، وذھب، وفضة … وقد سادت خلال العصر الثینى؛ ولكن سرعان ما ظھرت بعد ذلك، التماثیل الواضحة الضخامة؛ وأصبحت منذ ذاك الحین النماذج الكلاسیكیة السارية على مدى تاريخ فن النحت المصرى كلیة.

بصفة عامة، يعتبر فن النحت المصرى القديم فناً ذو ھدف نفعى. بل ھو يتسم بسمات دينیة وجنازية وعقائدية واضحة. فغالبا، ما يوضع بداخل مقبرة المتوفى تمثاله الجنازى: ومثله كمثل تماثیل الآلھة تجرى له طقوس "فتح الفم"؛ وبالتالى، يصیر بمثابة حاوية للحیاة أو دعامة لاستیعابھا . وبجوار الأشكال الممثلة للمیت، يشاھد عالم من التماثیل الصغیرة (أوشابتى، ونماذج أخرى )، يقال ان الحیاة تدب فى أوصالھا لكى تقوم بخدمة المتوفى. وكذلك، فى نطاق المعابد، يستقر تمثال لإله واحد أو لعدد كبیر منھا. أما الساحات أو الممرات المسموح لعامة الناس بدخولھا، فھى عادة تضم تماثیل الملوك والنخبة المختارة من الشخصیات البارزة.

وربما أن الأغلبیة العظمى من التماثیل – خاصة فى عصور الا زدھار والتفوق الفنى – كانت تتواءم وتتشابه، لأسباب ودواعى سحرية، مع مختلف الأوضاع والأحوال الدنیوية : ولذا، تمیزت بواقعیتھا، أو بالأحرى، بتألقھا بواقع الحیاة والحیوية. وبداية من الدولة القديمة، بدا واضحا أن حركة الأشخاص الممثلة وأوضاعھا، بصفة عامة قد تحددت وعینت تماما . فغالبا، يبدو المتوفى واقفا فى وضع السیر الظاھرى؛ ومتقدما بساقه الیسرى. وأحیانا، نراه جالسا، ضاماً ركبتیه إلى بعضھما بعض، وقد أراح راحتیه على فخذيه. أما إذا جلس القرفصاء، فھو يتخذ الوضع الكلاسیكى التقلیدى الخاص بالكاتب المصرى. وفى حالة تمثیله بصحبة زوجته، واقفا أم جالسا؛ وبحیث لا تتعدى قامة أبناءھما الماثلین معھما مستوى سمانة ساقیھما؛ فھم، فى ھذه الحال يدرجون فى نطاق ما عرف فنیا وقتئذ: "بالمجموعة العائلیة". ومن خلال تماثیل – مجموعة أخرى، يمثل المیت فى مراحل مختلفة من حیاته الدنیوية. وفى عصر الدولة القديمة، تمیزت التماثیل الملكیة خاصة، بمعالم الجلالة والعظمة، حیث تتزاوج المثالیة وتمتزج مع أحاسیس ومشاعر واقعیة (خفرع، بیبى، جدف رع ). أما فیما يتعلق بالنبذة المختارة من الشخصیات، فمن أھم خصائصھا قوة التعبیر، وعنفوان شديد استطاع أن يطیح بالمفاھیم الشائعة المألوفة وقتئذ، فیما يتعلق بكل ما أتفق علیه من مُثل فى مجال فن النحت المصرى قديما.

خلال الدولة الوسطى، تكون تیاران متمیزان تماما عن بعضھما بعضا . فھاھى، على سبیل المثال الورش الفنیة فى منف، تتابع التقالید السالفة وتسیر على نھجھا؛ ولكن، بشئ من التنمیق والزخرفة، قد يصل إلى درجة المغالاة: ومن نفس تلك "الورشة " الفنیة ھذه، أبدعت عدة أعمال باھرة، كمثل: تماثیل الملك "حور"، والفرعون "سنوسرت الأول" (فى اللشت)، وأمنحتب الثالث (فى ھوارة). ولكن بالنسبة لفنانى "طیبة "، فقد بینوا عن إلھام أكثر قوة وشدة؛ ويجنح إلى التشبه بالأسلاف الأوائل (منتوحتب، بالدير البحرى )، أو يجیش ويفعم بالواقعیة (سنوسرت الثالث ). وفى نفس تلك الفترة، ظھر طراز التمثال المكعب (أو "الكتلة") حیث تنبثق الرأس من داخل كتلة حجرية، تمثل فى شئ من الإبھام، شخصا جالسا القرفصاء، ثانیاً ركبتیه، ومتدثرا تماما برداءه: وقد تطور ھذا الطراز تطورا واضحا فى عصر الدولة الحديثة. 

وھاھى أوائل "الدولة الحديثة"، تقدم تماثیل قد داعبت الابتسامة شفتیھا؛ وأُسبغ علیھا نوع من المثالیة التى قد تجنح أحیانا إلى الطراوة الزائدة عن الحد . بل لنقل : قد تنزلق إلى نمط من الروحانیة والواقعیة برزت معالمھا، بوجه خاص، فى عھد أمنحتب الثالث؛ وازدھرت ازدھارا كاملا خلال عصر العمارنة. ومع ذلك، فإن "الطبیعیة" الأنیقة الخلابة التى بدت فى أوائل عھد أخناتون ھذه، كانت غالبا ما تسقط فى أعماق واقعیة تتسم بالكاريكاتورية الھزلیة. وقد استمر ھذا الأسلوب الفنى الذى يسیطر علیه نوع من السحر والجمال المشوب بشئ من الطراوة واللین الزائد عن الحد، فى إطار الإبداعات المعاصرة لكل من "توت عنخ آمون" ثم "حور محب". وجاء عصر الرعامسة الذى سادت فى أجواءه الأحجام الفائقة العملقة لینم عن السطوة والعظمة الفرعونیة. وخلال تلك الفترة الزمنیة، درج الفنانون على نحت التماثیل الإلھیة: ولكنھا، فى كافة الأحوال، كانت تبدو بوجه الفرعون القائم فوق العرش.

أما فى العصور اللاحقة، فقد لوحظ میل واضح للرجوع إلى العصور الغابرة لاقتباس النماذج . ولاشك، أن العصر اللیبى بدا كمجرد امتداد لفن النحت فى عصر الرعامسة. أما الفنانون، فى الفترة النوبیة؛ فكانوا يستقون إلھامھم من إبداعات "الدولة الوسطى ". كما نجد أن "الدولة القديمة " قد أُعتبرت بمثابة النموذج والمثال الدائم أبدا خلال حكم الصاويین : حیث ساد الاھتمام بتوافر الكمال والامتیاز والنقاء الفنى؛ ومع ذلك، كان يقابله شئ من البرود وافتقاد الحیوية.

لعلنا نلاحظ إذن، أن فن النحت كمثل غیره من الفنون الأخرى، كان يخضع لأسس ومعايیر ثابتة لا تتزحزح أبدا. ولكن، بالرغم من ذلك، كان يحدث، على مر العصور التاريخیة والمدارس الفنیة تغیر وتباين فى قوانینه. ولكن ھذا الفن، بالرغم من خضوعه للمفاھیم والأعراف الإجتماعیة والدينیة، قد عرف كیف يخرج عن المألوف والابتذال؛ وتمكن من كافة أسالیب التعبیر الذى أضفاھا علیه شعب
بأثره عبر امتداد عصور التاريخ.
_____________
الموسوعة الشاملة للحضارة الفرعونیة
تألیف: جى راشیه
ترجمة: فاطمة عبد الله محمود
مراجعة وتقديم: د.محمود ماھر طه

إشتـرك يصــلك كل جديــد:
*ستصلك رساله على ايميلك فيها رابط التفعيل برجاء الضغط عليه حتى يكتمل اشتراكك*

تابعونا على الفيس بوك

قائمة متابعي الموقع

تعريب وتعديل: بلوجر بالعربي

Crown of Egypt "تاج مصر للتراث الفرعوني"