المكتبة

محافل مميزه

الارشيف

لمتابعة جديد الموقع

البريد الإلكتروني " الإيميل "

الكاريكاتير صناعه مصرية خالصه

الكاريكاتير صناعه مصرية خالصه 
الكاريكاتير صناعه مصرية خالصه
الكاريكاتير صناعه مصرية خالصه

تكشف الدراسات الأنثربولوجية للجداريات والبرديات الفرعونية أنها تدخر التراث الحقيقي لفن الكاريكاتير، وهذا يعني أنها أول نموذج فني تاريخياً لهذا الفن في العالم، فالفراعنة هم رواد هذا الفن ومبدعوه، فهو يرجع في لوحاتهم إلى ما قبل خمسة آلاف سنة، وهذا ما تؤكده اللوحات الموجودة الآن في مصر، فقد وجدت رسومات كاريكاتيرية حقيقية تحمل مقومات هذا الفن بجلاء ووضوح، وتؤسس لنشأته الفرعونية في آثار المصريين القدماء الذين كانوا يصورون الأسرى الأجانب بطريقة ساخرة، تحمل مقومات وأسس فن الكاريكاتير، فحين كانت السلطة الفرعونية القائمة في ذلك الحين تحرّم وتمنع السخرية من المقدسين كالملوك والكهنة «علية القوم وسادتهم». نجدها كانت تسمح للفنانين بأن يعبّروا برسوماتهم الساخرة عن أعدائهم المهزومين، وأسراهم الذين كانوا مادة للتندر، والسخرية في أسرهم ما يعني هزءاً من قوتهم وجنديتهم، فمواقفهم في الأسر مبعث للذل والسخرية. وكانت أولى هذه الرسوم الكاريكاتيرية تجسّد ما يضحك من أولئك، المراد السخرية منهم، «وهي ترينا حزمة من البصل أوغيره وضعت بين كتفي الأسير بدلاً من رأسه، أورأس حمار على عازف الناي في إحدى الفرق الموسيقية، وثمة قطع من الفخار، والأحجار الصلبة»، ترجع إلى عام 1250 قبل الميلاد. تصّور ثعلباً يرعى قطيعاً من الماعز، وذئباً يقود قطيعاً من الإوز. وهناك رسم آخر لفرس النهر يجلس على قمة شجرة عالية، في حين يحاول النسر الصعود إليها بسلم». ويتجلى في مضمون هذه الرسوم ملامح وأسس التطوّر المبدع لفن الكاريكاتير بصفته تعبيراً عن موقف ناقد ساخر يوظف الضحك أداة تعبيرية.
البرديات الكاريكاتيرية
لا شك في أن متحف الآثار الفرعونية في مصر يعدّ من أغنى خزائن تراث الكنوز الفنية، وأنفس سجل تاريخي لنشأة الفنون الأولى، فهو نبع مدهش للكشوفات المستمرة التي تحرض دائماً على إعادة كتابة التاريخ من جديد، ومن بين النفائس التي لا تحصى يحفظ لنا متحف المصريات مجموعة برديات تتضمن رسومات كاريكاتيرية تعبر عن مواقف سياسية واجتماعية ناقدة توظف السخرية في تجسيد هذه المواقف، ويمكننا في هذا السياق الحديث عن ثلاث برديات:
البردية الأولى:
... عندما يصير الخادم سيداً
تمثل البردية الأولى جزءاً من بردية، ترجع إلى عصر الرعامسة، تصوّر هذه البردية مشهداً هزلياً يعبر عن موقف ناقد ساخر لانقلاب القيم والمفاهيم، ففي هذه البردية ترى قطة تضطلع بدور مربية لفأر طفل ملفوف بحمالة، تحتضنه بحنان. لقد أراد الرسام المصري القديم في هذه اللوحة أن يجسد رؤيته للواقع، ويعبر عن موقفه الساخر من التناقض الذي يتسرّب إلى المجتمع المصري في ذلك الحين، فصوّر« فأرة أنيقة الملبس، وفي خدمتها قطط أربع، وثعالب خانعة في خدمة بقرة وقد صورت الفأرة جالسة على كرسي، تشرب من كأس تسلمته من قطة تقف بين يديها، ومن وراء الفأرة قطة أخرى تصفف شعرها، ثم تليها في الموكب قطة وصيفة، تحمل في حنو فأراً طفلاً في لفافة، وتقيه الشمس بمروحة كبيرة، تحملها قطة أخرى، ثم نرى في الناحيةالمقابلة، ثعلباً يحمل جرة معلقة في عصا على الكتف على حين يصب آخر من إبريق ثان في حوض، وإلى جانب ذلك سيدتهم البقرة تراقب».
نستطيع أن نقرأ في هذه اللوحة جملة مقومات الفن الكاريكاتيري الذي يعتمد على الحيوانات، وتغيير الملامح، لتكوين الموقف الساخر من حالة ما، وهي هنا تترجم بالسخرية من انقلاب القيم وتناقض الأدوار الاجتماعية والسياسية فقد « حان الزمن الذي أصبح فيه الخادم سيداً، فزهقت القيم وتبدلت الأدوار وذلك نتيجة الخيانة التي تسرّبت إلى القائمين على أمانات قيادية لأنهم أصبحوا يجسدون مقولة : حاميها حراميها، كما يترجمها المصريون أنفسهم».
البردية الثانية:
... عندما يسوس الثعلب الماعز
تشكّل البردية الثانية جزءاً من بردية، يرجع تاريخها إلى عام 1150 قبل الميلاد تصوّر هذه البردية مشهداً كاريكاتيرياً تظهر فيه قطة يعتريها الزهو والخيلاء اللذان يثيران الشعور بالضحك والسخرية، وهي ترعى سرباً من الإوز، ويغمز من حقيقة العلاقة بين الحاكم والمحكوم ؛ ويظهر في الجانب الآخر ثعلب يتخذ أبهة الملك وفخامة قيادته يرعى ويسوس قطيعاً من الماعز.
نستطيع أن نتقصى في هذه البرديات مكونات حقيقية مثيرة لفن الكاريكاتير الذي ينطوي على موقف ساخر ناقد من علاقة الحاكم بالمحكوم، تثير مجموعة أسئلة ناقدة لطبيعة السلطة، لأنها تقوم على تناقض وتنافر، فالقطة هي التي باتت تقود الإوز على ما في العلاقة بين الإوز والقطة من عداء وتنافر وعدم انسجام، كذلك الأمر نفسه لدى الثعلب الذي تقوم علاقته مع الماعز على الافتراس والعداء، وإنما يرعى الماعز ليسمنه، فيأكله ولا يرعاه، وبذلك يجسد الرسام مقولة: «الحاكم مفترس للمحكوم وليس راعياً له» .
البردية الثالثة:
... ملوك بأية حال
تمثل البردية الثالثة جزءاً من بردية من دير المدينة ترجع إلى عصر الرعامسة، يصوّر الفنان في هذه البردية مشهداً ساخراً ينبع من المفارقة التي يجسدها المشهد، حيث يبدوفي البردية أسداً في تمام الهيبة الملوكية، ينهمك بكل ملامحه وقواه في مباراة مع غزال جميل وديع . ويظهر الأسد مملوءاً بمشاعر الزهو بالانتصار، بينما الغزال المسكين تسير الأمور به إلى نتيجة حتمية هي نهايته، فهو حيوان لم يخلق للمبارزة مع الأسد .
نقرأ في هذه البردية ملامح الكاريكاتير السياسي من خلال تحوّل الملوك من مصارعة أندادهم إلى صراع الحيوانات الوديعة التي لا تمتلك مقومات القتال الملكي، وبذلك يبعث الرسام الشعور بالهزء والسخرية من السياسة التي تتلهى بالانتصار على الصغار من مجابهة الأنداد، وتشير إلى الاستخفاف بالملوكية التي تفرض سلطانها عندما تعجز عن مهامها الحقيقية بالسطوعلى الضعاف، وتصويرهم على أنهم أنداد فتتمتع بالنصر الوهمي حين يعز الانتصار على أعدائهم الحقيقيين، فالبردية تترجم مقولة ملوك بأية حال، وفق هذا المضمون تتجلى الأبعاد الكاريكاتيرية في البردية التي تجسد موقفاً سياسياً ناقداً وساخراً هومن صميم الفن الكاريكاتيري الحديث.
من هنا نجد أن أهمية البرديات المصرية التي تجسد الفن الكاريكاتيري لا تتوقف على قيمتها التاريخية وحسب، بل يتخطى مضمونها الفني الريادة التاريخية إلى الريادة الفنية للكاريكاتير، ففيها يتجلى هذا الفن بكل مقوماته وخصوصياته الفنية الحقيقية، إضافة إلى الفرادة الإبداعية في تكويناتها الكاريكاتيرية التي تصلح لكل زمان ومكان، فهي تحمل تعبيراً مبدعاً عن الموقف الساخر الناقد للسياسة والمجتمع وعيوبهما في دعوة ضمنية للإصلاح والنقد اللذَين يتأسس عليهما فن الكاريكاتير المعاصر، وهذا يعني أن هذه البرديات تحمل قيمة تاريخية فنية رائدة تؤرخ لنشأة فن الكاريكاتير وأسسه ومحتواه .
ـــــــــــــ 
اثار مصر

إشتـرك يصــلك كل جديــد:
*ستصلك رساله على ايميلك فيها رابط التفعيل برجاء الضغط عليه حتى يكتمل اشتراكك*

تابعونا على الفيس بوك

قائمة متابعي الموقع

تعريب وتعديل: بلوجر بالعربي

Crown of Egypt "تاج مصر للتراث الفرعوني"