مواجهة الأعداء فى رحلة العالم الآخر

مواجهة الأعداء فى رحلة العالم الآخر
مواجهة الأعداء فى رحلة العالم الآخر
مواجهة الأعداء فى رحلة العالم الآخر :-
يقابل المرتحل فى الدوات (العالم السفلى / العالم النجمى) العديد من الأخطار التى تصور دائما على شكل حيوانات مخيفة , ذلك أن القوى النفسية و العقلية السلبية تكون أكثر قبحا و رعبا من أشرس الحيوانات التى نعرفها فى عالمنا المادى .
و مقابلة مثل هؤلاء الوحوش المخيفة فى عالم الدوات , هو بمثابة رمز لمواجهة الانسان للأفكار و المشاعر السلبية التى ما زالت عالقة بجسمه النجمى , و التى تعرقل طريق تقدمه فى عالم الروح .
فرحلة الروح فى عالم الدوات هى رحلة هدفها التطهر , أى تحرر البا من كل ما يمكن أن يكون عالقا بها من أفكار أو مشاعر تتعارض مع الماعت (النظام الكونى) .
و عملية تحرير البا و تطهيرها تمر بثلاثة مراحل .
المرحلة الأولى : تبرز فيها الأفكار و المشاعر السلبية للمرتحل على هيئة حيوان شرس .
المرحلة الثانية : حدوث مواجهة بين المرتحل فى الدوات و بين الحيوان الشرس الذى يعترض طريقه .
يحاول ذلك الحيوان الشرس أن يسرق قلب المرتحل فى الدوات ,
و يسلبه قواه السحرية (معرفته الروحية) و يحاول ان يقتل روحه عن طريق اقتلاع البا من جذورها الروحية .
و الهدف من تلك المواجهة ليس هو قتل القوى التى تعترض طريق المسافر فى الدوات و انما الهدف هو السيطرة علي تلك القوى المعادية .
كان قدماء المصريين يعبرون عن فكرة السيطرة و الهيمنة على القوى المعادية بمصطلح "لوى عنق الأعداء" أى تحويل الرأس لتنظر الى الخلف بدلا من النظر الى الأمام .
و عندما يحدث ذلك , فتلك هى المرحلة الثالثة و الأخيرة من عملية تحرير البا .
فعملية الاستحواذ على الطاقات السلبية و الهيمنة عليها و تحويلها من حيوان شرس يعترض طريق الروح الى كائن اليف كان هو الهدف من رحلة الروح فى الدوات .
و فى هذا المشهد من بردية "ناخت" نراه و هو يقف فى مواجهة ثلاثة تماسيح يعترضون طريقه و يهددون بسرقة قواه السحرية و اقتلاع بائه
من جذورها فى عالم الروح .
و يتبادر للذهن على الفور سؤال عن مغزى اختيار الفنان المصرى القديم لهذا الحيون بالذات للتعبير عن القوى التى تعترض طريق الانسان فى عالم الدوات .
ان المتأمل لسلوك التمساح يجد أنه عادة ما يرقد فى قاع النهر بحيث يكون خفيا تماما عن الأعين , و فجأة يقوم بمهاجمة فريسته التى لم تكن تعلم بوجوده كامنا تحت سطح الماء .
فالفريسة قبل أن تقع ضحية كانت تتوهم أنها فى أمان و أنها لا توجه
أى خطر لأن الخطر الذى يتربص بها هو خطر كامن فى الأعماق لا يمكن رؤيته .
و هذه الصفات التى تميز التمساح هى التى جعلت قدماء المصريين يتخذونه رمزا للقوى المعادية (الأفكار و المشاعر التى لا تخالف الماعت / النظام الكونى)
التى تعترض طريق الانسان أثناء رحلته فى الدوات .
فتلك الأفكار و المشاعر تكون كامنة فى اللاوعى , تماما مثل التمساح الذى يرقد فى قاع النهر متربصا بفريسته .
و خروج تلك القوى المعادية من اللاوعى الى الوعى ضرورى لكى تظهر الى الوجود و يمكن للانسان مواجهتها و تطهير الروح منها .
يقول النص المصاحب لصورة "ناخت" و هو يقف رافعا السكين أو الخنجر فى مواجهة التماسيح :
تراجع أيها التمساح
و افسح لى الطريق
لن تستطيع أن تهاجمنى
لأنى أمتلك قواى السحرية

ثم يقول المرتحل فى الدوات أنه يعرف أسم كل تمساح من التماسيح الثلاثة , و معرفة اسم العدو الكامن تعنى كشفه على حقيقته و تجريده من قوته و من ثم السيطرة عليه .
و القدرة على تمييز العدو و تحديد اسمه رمز لها الفنان المصرى بذلك السكين أو الخنجر الذى يمسكه "ناخت" فى يده .
تلك السكين هى رمز البصيرة و الوعى الأعلى الذى لا يعيقه الخوف
أو الرغبة و انما يشحذه اتباع الماعت (الحقيقة / النظام الكونى) .
و يختم النص المصاحب لهذا المشهد بهذه الكلمات التى يقولها ناخت " :
كما تحتوى السماء النجوم
و كما تحتوى طاقة الحكا (السحر) كل ما هو كائن
كذلك يمتلئ فمى بقوة الحكا
فأسنانى أصبحت مثل خناجر من حجر الصوان
و أضراسى ملآى بالسم
أيها التمساح الذى يريد ابتلاع قواى الروحية
انك لن تستطيع ذلك
لن تستطيع أن تستحوذ على قواى الروحية
--------------------------------------------------------------------------
من كتاب (Temple of the Cosmos) للكاتب البريطانى Jeremy Naydler