المدينة و المعبد و الملك :-
كانت قصة الخلق هى المحور الرئيسى الذى تدور حوله الديانة المصرية القديمة , و تتجلى أهمية قصة الخلق و ارتباطها الوثيق بكل نواحى الحياه الدينية و الاجتماعية و السياسية فى مصر القديمة فى ثلاثة مظاهر رئيسية ألا وهى :-
المدينة و المعبد و الملك (وظيفة الملك و مسئولياته) .
و نبدأ أولا بالمدينة . فالهدف من اقامة المدن فى مصر القديمة لم يكن سياسيا فى المقام الأول , و انما كان هدفا دينيا .
و المتامل لنصوص قصة الخلق فى مصر القديمة يجد أن كل مدينة من مدن مصر الرئيسية كانت عبارة عن نموذج مصغر للكون فى احدى مراحل نشأته .
فقد وصفت "ممفيس" فى النصوص الدينية المصرية بأنها (الجزيرة المقدسة التى خرجت للوجود فى الأزل) .
و وصفت "هرموبوليس" بأنها (أول أرض وقف عليها رع عند خروجه من نون) .
ووصفت "أبيدوس" بأنها (الأرض الأزلية) , و "اسنا" بأنها (التل الأزلى المقدس) , كما وصفت اليفانتين بأنها "مدينة البداية" .
ربط المصرى القديم بين كل مدينة من مدن مصر و بين أحداث نشأة الكون , لكى يجعل من أرض مصر صورة لعالم الروح .
و كما كانت المدينة نموذجا مصغرا للكون (microcosm) , كذلك كان المعبد .
فكل مدينة كبرى كانت تحوى بالضرورة معبدا شيد ليكون محاكاة لأحداث معينة تتعلق بنشأة الكون فى احدى مراحله .
جاء فى قاموس المتحف البريطانى عن الحضارة المصرية هذا الوصف
للمعبد فى مصر القديمة
*** ( كان المعبد فى مصر القديمة هو محاكاة للكون و لقصة الخلق ,
و هى محاكاة سجلها قدماء المصريين فى الأحجار و باستخدام الهندسة المعمارية) ***
أما المظهر الثالث الذى تتجلى فيه أهمية قصة الخلق فى حياة المصرى القديم فهو "الملكية" أو وظيفة الملك .
لم تكن وظيفة الملك فى مصر القديمة وظيفة سياسية , و انما كانت فى
المقام الأول "وظيفة دينية" .
فالنظام الملكى فى مصر يعود الى بداية الكون , و مهمة الملك الأساسية هى اعادة تكرار أحداث النشأة الأولى و أداءها أداءا طقسيا فى معابد مصر المختلفة , و تلك هى اهم واجبات الملك فى الحياه منذ يوم تتويجه الى يوم انتقاله الى العالم الآخر و التحاقه بموكب "رع" فى السماء .
و الطقوس المقدسه التى يقوم بها الملك هى التى تضمن اقامة الصلة بين العالم المادى و بين "الزمن الأول" و هو الزمن الذى وقعت فيه أحداث النشأة الأولى حيث كانت اقامة الصلة بين العالمين ضرورية من أجل "الاستمرار" (Djed) أى استمرار الكون و حمايته من السقوط فى مياه الأزل مرة أخرى و عودته الى حالة ما قبل الوجود (pre-existence) .
كان الملك مؤهلا للقيام بتلك المهمة الروحانية بما يملك من أسرار العلوم الكونية و بما لديه من علم مقدس توارثه عن أجداده . ذلك العلم الذى حرص ملوك مصر على الحفاظ عليه و توريثه لأبنائهم , و لذلك كان ميراث عرش مصر هو فى الأصل ميراثا روحانيا تتناقله أسرة الملك جيلا بعد جيل , و لذلك كان الحكم ينتقل عبر "أسرات" .
-------------------------- -------------------------- ---------------------
من كتاب (Pyramid of Secrets) للكاتب البريطانى Alan Alford
المدينة و المعبد و الملك |
كانت قصة الخلق هى المحور الرئيسى الذى تدور حوله الديانة المصرية القديمة , و تتجلى أهمية قصة الخلق و ارتباطها الوثيق بكل نواحى الحياه الدينية و الاجتماعية و السياسية فى مصر القديمة فى ثلاثة مظاهر رئيسية ألا وهى :-
المدينة و المعبد و الملك (وظيفة الملك و مسئولياته) .
و نبدأ أولا بالمدينة . فالهدف من اقامة المدن فى مصر القديمة لم يكن سياسيا فى المقام الأول , و انما كان هدفا دينيا .
و المتامل لنصوص قصة الخلق فى مصر القديمة يجد أن كل مدينة من مدن مصر الرئيسية كانت عبارة عن نموذج مصغر للكون فى احدى مراحل نشأته .
فقد وصفت "ممفيس" فى النصوص الدينية المصرية بأنها (الجزيرة المقدسة التى خرجت للوجود فى الأزل) .
و وصفت "هرموبوليس" بأنها (أول أرض وقف عليها رع عند خروجه من نون) .
ووصفت "أبيدوس" بأنها (الأرض الأزلية) , و "اسنا" بأنها (التل الأزلى المقدس) , كما وصفت اليفانتين بأنها "مدينة البداية" .
ربط المصرى القديم بين كل مدينة من مدن مصر و بين أحداث نشأة الكون , لكى يجعل من أرض مصر صورة لعالم الروح .
و كما كانت المدينة نموذجا مصغرا للكون (microcosm) , كذلك كان المعبد .
فكل مدينة كبرى كانت تحوى بالضرورة معبدا شيد ليكون محاكاة لأحداث معينة تتعلق بنشأة الكون فى احدى مراحله .
جاء فى قاموس المتحف البريطانى عن الحضارة المصرية هذا الوصف
للمعبد فى مصر القديمة
*** ( كان المعبد فى مصر القديمة هو محاكاة للكون و لقصة الخلق ,
و هى محاكاة سجلها قدماء المصريين فى الأحجار و باستخدام الهندسة المعمارية) ***
أما المظهر الثالث الذى تتجلى فيه أهمية قصة الخلق فى حياة المصرى القديم فهو "الملكية" أو وظيفة الملك .
لم تكن وظيفة الملك فى مصر القديمة وظيفة سياسية , و انما كانت فى
المقام الأول "وظيفة دينية" .
فالنظام الملكى فى مصر يعود الى بداية الكون , و مهمة الملك الأساسية هى اعادة تكرار أحداث النشأة الأولى و أداءها أداءا طقسيا فى معابد مصر المختلفة , و تلك هى اهم واجبات الملك فى الحياه منذ يوم تتويجه الى يوم انتقاله الى العالم الآخر و التحاقه بموكب "رع" فى السماء .
و الطقوس المقدسه التى يقوم بها الملك هى التى تضمن اقامة الصلة بين العالم المادى و بين "الزمن الأول" و هو الزمن الذى وقعت فيه أحداث النشأة الأولى حيث كانت اقامة الصلة بين العالمين ضرورية من أجل "الاستمرار" (Djed) أى استمرار الكون و حمايته من السقوط فى مياه الأزل مرة أخرى و عودته الى حالة ما قبل الوجود (pre-existence) .
كان الملك مؤهلا للقيام بتلك المهمة الروحانية بما يملك من أسرار العلوم الكونية و بما لديه من علم مقدس توارثه عن أجداده . ذلك العلم الذى حرص ملوك مصر على الحفاظ عليه و توريثه لأبنائهم , و لذلك كان ميراث عرش مصر هو فى الأصل ميراثا روحانيا تتناقله أسرة الملك جيلا بعد جيل , و لذلك كان الحكم ينتقل عبر "أسرات" .
--------------------------
من كتاب (Pyramid of Secrets) للكاتب البريطانى Alan Alford