المكتبة

محافل مميزه

الارشيف

لمتابعة جديد الموقع

البريد الإلكتروني " الإيميل "

تعاليم منف

الأله بتاح
تعاليم منف 
عندما جعلت تعاليم هليوبوليس الاله آتوم على رأس جميع الالهه لم تستطيع جارتها مدينة منف الأخذ بهذه الحقيقة , وبخاصة لما لالآهها بتاح من شهرة وتقديس بين أهلها ولانها كانت فى الوقت نفسه مقرا للملوك . 
وفى ذلك الوقت اى فى اول عصور الدولة القديمة - وضع كهنة منف وثيقة اكدوا فيها ان
" بتاح " ومنف تفوق منزلتهما ما لاتوم وهليوبوليس من منزله 
ولكن القدر تحكم فى مصير هذه الوثيقة التى نسميها " تعاليم منف الكهنوتيه " والتى اعتبرت من اهم الوثائق التى حفظت بين كنوز معبد منف آلافا من السنين , ثم اتت الارض " ديدان " عليها فاختفت منها معظم القطع المكونه لبدايتها ونهايتها وعندما حكم الملك النوبى " شابكا " مصر حوالى 710 ق . م . 
تقدم اليه كهنة منف وطلبوا منه ان ينقذ من الفناء ما بقى من كتاب الاجداد هذا . اذا كان يعتبر دليل الشرف لمعبدهم , فأمر شباكا ان يحفر ما بقى من هذا الكتاب على لوح من الحجر الجرانيتى الاسود , وقد دفع الورع بكتبة شاباكا ان يخلدوا كذلك على هذا الحجر بقية من كتاب اخر وعلى هذا الشكل الغريب وصل لنا هذا الكتاب .
والحكم التى يحويها هذا النص هى ان بتاح خلق من نفسه ثمانية الهه اخرى سمين باسم بتاح , وقد اطلق عليها البشر غالبا اسما اخر ولا غرابة فهذه الهة مصر الكبرى او قل لانها خالقة مصر ومن اجل ذلك ارجعوا كل الهة  مصر الى بتاح حتى انهم قالوا بان المعبود الصغير " نفرتم " وهو تلك الزهره التى تدخل السعادة على قلب اله الشمس كل يوم ليس الا بتاح .

واذا كانوا قد نادوا بوجود ثمانية اشكال مختلفة لبتاح لم يكن ذلك الا يكونوا مع بتاح الاصلى تاسوع يعادل تاسوع هليوبوليس .
واطلقوا على الالهين الثانى والثالث من هذا التاسوع " بتاح - نون " المياه الازلية وزوجته " بتاح - ناونت " وقد انجبا الاله اتوم .
ومعنى ذلك ان اصبح الاله الاخير وهو اله هليوبوليس الاعظم اقل شأنا من الاله بتاح المنفيتى . بكل ما اتصف به اتوم من خصال استمدها من " بتاح " بل شفتيه واسنانه التى تفل بها شو وتفنوت قد استعارها من بتاح بل سلبوا من اتوم قدرته على ان يخلق ويبدع , اذا ان قلبه ولسانه ليس الا من بتاح .
ومن هذا نرى بوضوح كيف ان القلب واللسان هما اللذان كانا يخرجان كل شىء الى الوجود : " اذا ما رأت العين وسمعت الاذن ونشقت الانف الهواء بعثت هذه ما رأت وسمعت ونشقت الى القلب الذى يبدا فى اتخاذ قراراته , اما اللسان فينطق بها واعتبر القلب واللسان للاله اتوم طكطيفين من اطياف بتاح عرف الاول باسم تحوت والثانى باسم حور ولق خلق اللسان كل شىء حى بوساطة الكلمة التى خلقت كل قوى وكل من يأكل وكل ما يحبه او يكرهه اللسان " كما اخرجت القوانين فهى " التى اعطت الحياة لمن يحب السلام والموت للأشقياء كما سببت نشأة الفنون " اى كل عمل وكل فن تصنعه الايدى , فاذا ما امرت الكلمة سعت الاقدام وتحركت الاعضاء .
وخلاصة القول هو ان بتاح خالق اتوم بل خالق كل الالهه " وسعد قلب بتاح بعد خلق الاشياء كلها وخلق الاله "
وهيمن بتاح ايضا على الارض فقد كون الالهه وشيد المدن وانشأ المديريات ووضع الالهه فى معبدها وسمح للقرابين التى تقدم لهم ان تتكاثر وتتزايد كما زود مقاصيرها المقدسه بمحتوياتها , ثم صنع لها اجسادها ليسعد افئدتها , ثم دخلت الالهه الى اجسادها التى صنعها من مختلف الاخشاب والاحجار والمعادن .
وازدهرت المحصولات المختلفة وجمعت فى صوامع الاله بتاح - تا - تنن , وهى تلك الاماكن الكبيرة التى اسعدت الهة معبد بتاح 
وهكذا كشف كهنة بتاح عن حكمتهم العميقة فى كلمات رنانة , اذ من الواضح ان ما اتى فى اخر النص يدل على ان ما يصيبهم من نفع مادى فى هذه الدنيا التى خلقها بتاح قد ادخروه فى امكنه امينة .
ولقد تأثرت المعابد الاخرى بتعاليم منف . فثار الكهنة فى كل مكان وقالوا ان الالهة التى تعبد فى المعابد هى اعضاء للاله الاول فيه سواء كان ذلك الاله بتاح او امون او رع , كما جعلوا من تحوت القلب الذى يفكر فى كل شىء ثم جعلوا " اللسان " بمثابة الناطق بما يجب ان يكون .
ولقد ورد فى نص حديث يرجع الى العصر اليونانى ان هذه من بين التعاليم التى تنادى بها حكمة المصريين : " القلب هو الذى يقود الجسد اما اللسان فيسمونه مبدع الكائنات " .
وينبغى لنا الا نغفل هنا كيف ان تعاليم منف قد انتظمت اصولا دينية غريبة , وهى ان هناك الها واحدا خرجت منه الالهه الاخرى وان القلب هو الذى يقود هذا الاله الواحد . 
وفى الوثيقة نفسها التى هون فيها كانت منف من الاله اتوم على النحو الذى شرحناه نجده قد شرحوا موقفهم من اله اخر هو اوسير ولو انهم لم يجسروا ان يجعلوا منه طيفا من اطياف بتاح الا انهم جعلوا منه واحدا ممن يتكون منهم بلاط بتاح وانه اخر الالهه التابعة له ثم جعلوا من منف الميدان الذى جرت فيه اهم الاحداث لهذا الاله .
ففى منف توجه اوسير الى الدنيا السفلى , وكان ذلك بعد ان انتشلته ايدى ايسه ونبت حت .
وفى هذه المدينه ايضا حاول جب ابو اوسير ان يصلح بين حور وست المتعاديان , فاعطى للاول مصر السفلى وللثانى مصر العليا . وفى منف اعطى حور حفيده من ابنه الاول حكم البلاد بأجمعها .
__________________________________
الموضوع من كتاب / مختارات من الادب والدين المصرى القديم .
الاستاذة الدكتورة / نهاد كمال الدين .
استاذ مساعد الآثار المصرية القديمة بكلية الاداب جامعة المنصورة .

إشتـرك يصــلك كل جديــد:
*ستصلك رساله على ايميلك فيها رابط التفعيل برجاء الضغط عليه حتى يكتمل اشتراكك*

تابعونا على الفيس بوك

قائمة متابعي الموقع

تعريب وتعديل: بلوجر بالعربي

Crown of Egypt "تاج مصر للتراث الفرعوني"