تاج مصر Crown of Egypt

لاشك أن القبائل والعشائر التى كانت تعیش حیاة البدو الرحل قد أعتبرت بمثابة خطر
داھم بالنسبة لمصر. فقد كانت
أرض وادى النیل الخصبة التربة بالخیر والنماء تجذبھم نحوھا. ولقد
حاولوا كثیرا اختراقھا بالطرق والوسائل السلمیة، فى وقت استقرار قوة مركزية شديدة البأس فى
أنحاء مصر. ولكن، خلال فترات القلاقل والاضطرابات بھذا البلد، كانوا يغیرون علیھا فى ھیئة
جحافل ضخمة. وبداية من "الدولة القديمة"، نرى بعض الرسوم التخطیطیة المبسطة التى تمثل
الفرعون وھو يدحر البدو الذين كانوا يجابھون حملات استغلال المناجم بمنطقة "وادى المغارة ".
وعلى ما يبدو، أن "أونى" قد شن على ھؤلاء البدو، حربا فعلیة، خلال حكم الفرعون "بیبى
الأول". بعد ذلك، انتھز البدو فرصة الاضطرابات التى اشتعلت فى أواخر حكم "بیبى الثانى "؛
فاقتحموا الدلتا بقوة السلاح؛ وعملوا بذلك على تفاقم حدة الفوضى والتبلبل التى استتبعتھا
الثورة الشعبیة. ومن أجل درء أخطار تلك الھجمات الدائمة، عمل الفرعون "أمنمحات الأول " فى
أواخر عھده على إقامة السدود والمتاريس وتشیید حصون منیعة على طول مدى حدود سیناء
المصرية. وقد أطلق على تلك المشاريع إسم "سور الأمیر". وتقول "قصة سنوھى "، أن الحراس
المصريین كانوا يسھرون لیلا ونھارا على حماية تلك التحصینات.
وفى الدولة الحديثة، إبان حكم تحتمس الثالث، بدا واضحا أن ھؤلاء البدو قد ردعوا تماما .
ولكن، ھا ھو الفاتح العظیم تحتمس الثالث، قد انطلق مرة أخرى لقمع البدو الشاسو الذين كانوا
قد قاموا وقتئذ بحركة تمرد وثورة وباعتبارھم أعداء ألداء دائمین لمصر، فقد تطوعوا بكامل رغبتھم
لإرشاد الجیوش الأسیوية التى أرادت غزو أرض وادى النیل. وأيضا، عندما أراد "أسر حدون " ملك
"أشور" مھاجمة مصر، لم يجد مساعدة إلا من جانب البدو، الذين قاموا بإرشاد جیشه ومرافقته
عبر صحراء "سیناء"، وقدموا له الجمال اللازمة لنقل المیاه . وحقیقة أن ھؤلاء البدو، فى تلك
الحقبة كانوا يستعینون بالجمال فى تنقلاتھم، ولكنھم، لم يعرفونھا مطلقا فى الأزمنة السابقة .
وتبین بعض الرسوم عشائر وعائلات البدو الوافدة إلى مصر، حیث كانوا يعملون كخدم أو عمال .
ومن خلال بعض المشاھد بمقبرة فى منطقة "بنى حسن " خلال الأسرة الثانیة عشرة، يُرى
البدوى وقد ارتدى مئزرا طويلا، وعلق على كتفه وعاءا مستطیلا مملوء بالماء. ويحاول أن يبین عن
حسن مقصده ونواياه السلمیة، فأمسك بقیثارة بیده الیسرى، وانھمك فى العزف على أوتارھا
!
بواسطة فرع صغیر. وفیما يتعلق بھیئته الجسمانیة، تغلب علیه السمات السامیة، ويرتدى دائما
قلائد مدببة الشكل؛ ويتقدمه حماره فى كافة تنقلاته محملا بمتعلقاته الضئیلة وحربته . وترتدى
النساء ثیابا طويلة تصل إلى منتصف ربلة الساق؛ وينسدل الرداء مبینا عن أحد كتفیھن . وغالبا،
تحاك ثیابھن من قماش أبیض اللون، تزينه خیوط زرقاء ورسوم حمراء اللون فى خطوط أفقیة
مستطیلة، بشكل ھندسى، أو نقاط متراصة. وفى أرجلھن، ينتعلن بأحذية نصفیة، مصنوعة من
جلود ناعمة رقیقة حمراء اللون. عموما، تقدم لنا قصة سنوھى " فكرة وافیة عن عادات وتقالید
ھؤلاء البدو خلال عھد "الدولة الوسطى".

ـــــــــــــــــــــــــــــ
الموسوعة الشاملة للحضارة الفرعونیة
تألیف: جى راشیه
ترجمة: فاطمة عبد الله محمود
مراجعة وتقديم: د.محمود ماھر طه