المكتبة

محافل مميزه

الارشيف

لمتابعة جديد الموقع

البريد الإلكتروني " الإيميل "

بروتوكولات السياسة العظمى في مصر القديمة



بروتوكولات  السياسة العظمى في مصر القديمة 
قطعا، كانت حیاة الفرعون تخضع لسلسلة لا نھائیة من المراسم والرسمیات؛ ولكننا،
للأسف، لم نحط بھا إحاطة كاملة . وتنحصر معرفتنا بھا، فى بعض الإيماءات أو الإلماحات .
وبالنسبة لعصر "الدولة القديمة "، اطلعنا على
تلك المراسم بواسطة بعض المقاربة ما بین
!
البروتوكول الإلھى المتضمن "بمتون الأھرام "، ونظیره الخاص بالفرعون المؤله فى إطار بلاطه
الملكى. فنرى أن "الملك – الإله" يعیش فى وسط حاشیة من الأقرباء، وكبار القوم، "والأصدقاء
الأوفیاء"، والكھنة، والخدم. إنه يستیقظ وكأنه الشمس المشرقة بنورھا، وقد أحاطت به نساء
حريمه، اللاتى يحیینه بأغانیھن وشدوھن وموسیقاھن الرقیقة. ويھرع خدمه إلى اصطحابه نحو
مدخل حمامه. بعد ذلك، يتناول وجبة إفطاره، قبل التوجه إلى قاعة الاستشارات الملكیة، حیث
ينتظره كتبته، متأھبون لتلبیة أوامره. وفى ذات الحین، يعرض علیه كبار موظفیه تقاريرھم عن
شئون المملكة. ثم، بعد ذلك، يعقد الملك جلسة مع "الوزير"، الذى يستھل حديثه معه
بالإطمئنان عن صحته الملكیة، ثم يتلو علیه تقريرا عن شئون المملكة: وفى واقع الأمر، أن الملك
أساسا، ھو المھیمن ا لأول على كافة أمور بلده . بل ھو يعرف كل شئ، ويسمع عن كافة
الأحوال، بفضل كبار موظفیه الذين يعتبرون عن جدارة، بمثابة "عینى" الملك وأذنیه.
وبداية من "الدولة الوسطى"، وربما قبلھا أيضا، كان يحق لكل مواطن بالمملكة، مھما
كان شأنه، أن يقدم للفرعون عريضة مكتوبة يت ظلم فیھا مما قد يقع علیه من مظاھر إساءة
استغلال السلطة أو النفوذ. وفى مثل ھذه الأحوال، كان المحققون يبعثون إلى كافة أنحاء مصر،
لجمع الشكاوى والدعاوى ويقدمونھا للملك من أجل أن يبت فى أحقیتھا وشرعیتھا. وفیما يتعلق
بجلساته الرسمیة، كان الفرعون، يتجلى فى وسط رجال بلاطه وحاشیته، وقد تزين بكافة رموزه
وشعاراته. فھا ھو متوج بالتاج الملكى الذى تعتلیه "الحیة الحامیة "، ويمسك بكلتا يديه السوط
والصولجان، وقد حلى صدره بقلادات فخمة، وزين معصمیه بعدة أساور ذھبیة . وھو يرتدى مئزرا
ملكیا مقوى ومزركشا بالخیوط الذھبیة؛ وفى بعض الاحتفالات الكبرى، قد يضع فوقه مئزرا آخرا
طويلا شفافا، أو رداءا واسعا فضفاضا من نسیج رفیع المستوى. وھا ھو جالس فوق عرشه، أو
"عرش الأحیاء"، وھو رمز آخر لملكیته . ونجد أن السمة الإلھیة لھذا العرش تتراءى من خلال
إسمه نفسه: "إست"، أى: "المقر"، بل بالأحرى ھو إسم إيزيس: فھى من خلال تجلیھا الأولى
قد جسدت العرش الملكى.
فى "الدولة القديمة"، كانت مظاھر التوقیر والتبجیل التى تضفى على ھذا "الإله
العظیم"، أى "الملك"، تبلغ درجة المغالاة الفائقة: ففى حضرته، يتحتم على البشر أن يجثوا أرضا.
ولاشك ان الحظوة الكبرى بالنسبة لأ ى من رجال حاشیته (حتى لو كان أحد أقرباءه )، ھى
السماح له بتقبیل قدمى الفرعون. ولكن، ربما أن ھذا العرف قد ألغى، بالنسبة لكبار موظفى
المملكة، خلال "الدولة الحديثة". وبالتالى، كانوا يحیون الملك بنفس الأسلوب الدارج المعتاد الذى
يتبعه أى مواطن مصرى للسلام على من يعلوه قدرا، مبینا عن احترامه وتبجیله له: مجرد الإنحناء
الطفیف مع خفض الیدين عند الركبتین أو رفعھما نحو السماء . وعملا بالبروتوكول الملكى، لا
يسمح لأحد من رجال الحاشیة بتوجیه حديثه إلى الملك مباشرة، بل يلقى كلامه أمامه بأسلوب
نظرى بحت. وعند خروج الفرعون من قصره، بمفرده أو مع أفراد عائلته، تلزم الضرورة حمله فوق
محفته الملكیة؛ أو قد يستقل عربته الخاصة: وأمامھا، يتقدم إثنان من العداءين، لتنحیة المواطنین
بعصیھما. ومن خلفھما، يتقدم الملك وقد أحاط به حرسه الخاص وحاملوا المراوح . وبجواره تماما
يسیر أحد النبلاء أو ا لأمراء وقد حمل فى يده مروحة صغیرة . بعد ذلك، تُرى الملكة والأبناء
الملكیین، والوصیفات وسیدات البلاط الملكى، وقد أحاط بھم خدم مسلحون بھراواتھم . وبمثل
ھذا الأسلوب، كان الملك يتوجه إلى المعابد لأداء وظائفه الكھنوتیة، أو يؤدى بعض الطقوس لأبیه
المتوفى، بمعبده الجنازى.
ولاشك أن الفرعون كان يحیط نفسه بأروع مظاھر الفخامة والأبھة عند تجلیه أمام جموع
شعبه. وھكذا الحال أيضا، عند استقباله لسفراء الدول الأجنبیة، أو عند ظھوره أمام الحشود
الشعبیة فى شرفة التجلیات بقصره.
ولكن، يبدو أن كل ھذه المظاھر والمراسم سرعان ما تتلاشى وتتنحى جانبا حالما
يمارس الملك حیاته الخاصة. فیرى، على سبیل المثال، خلال "الدولة القديمة "، ھذا "الإله " أو
بالأحرى "الفرعون"، وھو يتنزه بین أيكات بحیرته الخاصة فوق مركب يقودھا جمع من نساء حريمه
الجمیلات. ويشاھد أيضا، وھو "يرفه عن نفسه ويسعد قلبه " بالاستماع إلى شدو المغنیین
والموسیقیین، ويتأمل الراقصات الفاتنات أو بعض الأقزام الوافدين من السودان . ولكن،الدولة
الحديثة لم تكتف بمجرد سرد النصوص التى تصف أوقات لھو الفرعون ومرحه: فصورت لنا النقوش
!
البارزة والرسوم الملونة: "أخناتون" جالسا، وفوق ركبتیه زوجته نف رتیتى وقد انھمكت بناته فى
اللعب والمرح بجواره. أما "توت عنخ آمون"، فمثل أثناء رحلة صید بصحبة زوجته، التى بدت وھى
تقدم له السھام وتشیر له نحو الأھداف المحددة. وعن رمسیس الثالث، فكان يحلو له التنقل فى
أرجاء قصر حريمه الخاص، وقد تزين بقلاداته وأجمل مجوھراته، وتوج رأسه بالتاج الأزرق؛ وغالبا ما
كان يمضى وقتا لطیفا فى لعب "الضامة" مع إحدى زوجاته الثانويات التى تبدو وھى تمد إلیه
بزھرة يانعة لیتنسم عبیرھا المنعش.

ـــــــــــــــــــــــــــــ
الموسوعة الشاملة للحضارة الفرعونیة
تألیف: جى راشیه
ترجمة: فاطمة عبد الله محمود
مراجعة وتقديم: د.محمود ماھر طه

إشتـرك يصــلك كل جديــد:
*ستصلك رساله على ايميلك فيها رابط التفعيل برجاء الضغط عليه حتى يكتمل اشتراكك*

تابعونا على الفيس بوك

قائمة متابعي الموقع

تعريب وتعديل: بلوجر بالعربي

Crown of Egypt "تاج مصر للتراث الفرعوني"