المكتبة

محافل مميزه

الارشيف

لمتابعة جديد الموقع

البريد الإلكتروني " الإيميل "

الدولة الوسطى ( 2060 : 1786 ق.م) في تاريخ مصر القديم

الدولة الوسطى ( 2060   :  1786 ق.م) في تاريخ مصر القديم 

فى الواقع، بدأ عصر "الدولة الوسطى "، عندما أكمل منتوحتب الثانى التوحید ما بین مناطق مصر التى كانت قد قسمت إلى ولايات صغیرة خلال "عصر الإنتقال الأول ": تھیمن علیھا أسرة من حكام طیبة فى ذلك الحین. ويینتمى منتوحتب الثانى إلى الأسرة الحادية عشرة : لم تكن مصر قد وُحدت خلال عھد كل من ملوكھا الأوائل، أى "الأناتفة ". وبالتالى، فھم، مبدئیا، لا ينتمون إلى "الدولة الوسطى " ("الدولة "، فى المفھوم المصرى القديم، سواء "القديمة"، أو "الوسطى" أو "الحديثة" تشیر خاصة إلى تلك الفترات التى توحدت كافة أنحاء مصر، خلالھا، تحت "سلطة مركزية علیا").

ويطلق على "الدولة الوسطى" أيضا لقب: "الفترة الطیبیة الأولى " (ينظر : طیبة ). وتجدر الإشارة إلى أن الدولة الوسطى، لم تكن تمیل إلى السلم والمھادنة مثلما كانت تفعل الدولة القديمة. ومن أجل حماية أرض وادى النیل ضد جحا فل البدو الذين استطاعوا أن يتسللوا إلى
منطقة الدلتا، فى أواخر "الدولة القديمة "؛ تم تشیید خطوط كاملة من القلاع والحصون فى مواجھة سیناء. كما تعددت الحملات العسكرية نحو تلك المنطقة. حیث كانت المملكة الفرعونیة قد دأبت على الاستغلال المنظم لمناجم النحاس، والفیروز. وھكذا، استطاعت مصر ضم أراضى النوبة العلیا، وتعددت العلاقات التجارية مع فینیقیا وبلاد بونت.

وبداخل المملكة، اھتم الملوك بتطوير الفیوم وازدھارھا؛ بل وأقاموا مقارھم الرسمیة على مقربة منھا. وحقیقة أن الملك، كان يعد وقتئذ كسلیل لإله الشمس وتجسید لحورس، ولكنه، مع ذلك، كان يقوم بدور المشرع الأعلى . ولاشك مطلقا، أن القانون ينبع أساسا من السلطة الملكیة؛ ولكنه، فى ذات الحین، يعلو فوق إرادة الحاكم، الذى كان يحظى بحاشیة ومعیة ضخمة؛ ولكنھا لم تكن تتكون من أفراد عائلته، بل من كبار موظفى الدولة الوافدين من كافة أنحاء مصر. ويبدو واضحا، أن ھؤلاء الحكام قد استمروا فى حكم مقاطعاتھم، بل أن الفرعون قد قبل مبدأ توارث الخلافة الذى كانوا يتبعونه. ومع ذلك، لم يكن حاكم المقاطعة يعدو أن يكون سوى موظف كبیر فى إطار السلطة المركزية الملكیة العلیا.

وفى أغلب الأحیان، كان الملوك يدفن ون بداخل أھرامھم المجاورة لمقارھم الرسمیة . ولكن الحكام والنبذة المختارة من المصريین، كان مثواھم الأخیر فى أعماق نواويس تحت الأرض، متناثرة بمختلف جنبات مصر. وخلاف ذلك، نجد أن الثورة الاجتماعیة التى اندلعت خلال "عصر الإنتقال الأول" قد أضفت نوعا من "الديمقراطیة " على مبدأ الخلود والأبدية . فھا ھى العقیدة الأوزيرية قد انتصرت على مبدأ الاحتكار الشمسى المطلق الذى كان يتمتع به ملوك "الدولة القديمة". وھكذا، غدا "العالم الآخر" مفتوح الأبواب ومرحبا بكل إنسان دون أى تمییز أو استثناء .

ولم يعد ھناك أى داعى لحصول الفرد على إذن ملكى لكى يشید مقبرته . وربما أن الصیغة الخاصة بتقديم القرابین الجنازية تبدأ دائما بعبارة: "القرابین التى يھبھا الملك"؛ ولكن ذلك لا يعدو أن يكون سوى جملة قديمة تقلیدية سائدة؛ ومبدئیا، فإن الملك ھو القائم بمنح تلك الھبات للجمیع. ولكن، فى واقع الأمر، أن كل مصرى مسئول عن خلوده وأبديته الشخصیة.

وحقیقة أنه لم تتبق لنا من تلك الفترة سوى بعض العناصر المعمارية القلیلة . ومع ذلك، فإن الذى نراه الآن، يعبر، بوضوح وجلاء، عن الأناقة، والفخامة والعظمة التى بدت علیھا نصب ومنشآت ذاك العصر. أما عن فن النحت، فقد اتسمت إب داعات "ورش" الشمال برقتھا ونعومتھا وبمعالم الإنسانیة الواضحة، بالرغم من بعض التنمیق. ولكن، على عكسھا، كانت المصانع الفنیة فى طیبة، تجنح بوضوح إلى إبراز مظاھر القوة والعنفوان الجسدى، بالإضافة إلى شئ من الواقعیة المصدمة أحیانا . وعن الصیاغة، فقد بلغت أوج اكتم الھا وروعتھا . ولذا، نجد أن أجمل المصوغات وأروعھا فخامة ودقة صنع، وأثراھا بالأفكار والإلھام المبدع، ھى التى ترجع خاصة إلى عصر "الدولة الوسطى".

ولاشك مطلقا، أن تلك الحقبة اعتبرت، عن جدارة، بمثابة العصر الذھبى للآداب والثقافة بمختلف أنواعھا. إنھا، بكل معنى الكلمة: الفترة الكلاسیكیة فى إطار التاريخ المصرى القديم كله. ! فقد أينعت وازدھرت أسالیب واتجاھات جديدة ومستحدثة، واكتسبت لغة الإنسان المصرى وقتئذ المزيد من النقاء والأناقة فى التعبیر؛ اتخذھا كتبة العصور اللاحقة جمیعھا، كنموذج ومثال يحتذى به. وعلى ھذا المستوى، ومن نفس ذاك المنطلق، فإن الأسرة الثانیة عشرة، التى تمثل، فى حد ذاتھا "الدولة الوسطى " بأكملھا؛ أو بمعنى آخر تلك الأجیال التى حكم خلالھا الفراعنة المسمون ب"أمنمحات"، قد اعتبرھا كافة المصريون، دائما وأبدا، قمة التطور والارتقاء . وربما لا تختلف أبدا عن عصر الإمبراطور "بركلیس" بالنسبة للإغريق.
___________________
الموسوعة الشاملة للحضارة الفرعونیة
تألیف: جى راشیه
ترجمة: فاطمة عبد الله محمود
مراجعة وتقديم: د.محمود ماھر طه


إشتـرك يصــلك كل جديــد:
*ستصلك رساله على ايميلك فيها رابط التفعيل برجاء الضغط عليه حتى يكتمل اشتراكك*

تابعونا على الفيس بوك

قائمة متابعي الموقع

تعريب وتعديل: بلوجر بالعربي

Crown of Egypt "تاج مصر للتراث الفرعوني"