المكتبة

محافل مميزه

الارشيف

لمتابعة جديد الموقع

البريد الإلكتروني " الإيميل "

الصحراء في مصر الفرعونية قديما

الصحراء في مصر الفرعونية قديما
تحیط الصحارى بوادى النیل، من جھتى الشرق والغرب . ولاشك مطلقا انھا ذات أھمیة قصوى بالنسبة لھذا البلد : فھا ھى مصر الحديثة التى تتطابق، تقريبا، بنفس مساحة مصر القديمة وأراضى النوبة السفلى التى أعتبرت بمثابة مرفئھا الجنوبى عن جدارة، تنبسط على مساحة ملیون كیلو متر، لا يستزرع منھا ويعیش بھا السكان، سوى 39000 كم 2 فقط . وعلینا أن نقر بأن ھذه الأرقام ترجع إلى فترة قريبة للغاية: ففى بداية قرننا الحالى، وكذلك فى عصور مصر القديمة، لم تكن المساحة المستزرعة لتتعدى 23735 كم 2..! وتلك الصحارى المترامیة المدىھى فى واقع الأمر، إستكمال لل  “Erg”   العظیم الذى يمتد من المحیط الأطلنطى إلى البحر الأحمر. والذى عمل، بدون شك بداية من أواخر "العصر الحجرى الحديث "، فى أثر عملیة جفاف تدريجیة، على الوقوف فى مجابھة شعوب أفريقیا الاستوائیة السوداء وإعاقتھم عن مھاجمة السواحل الشمالیة بھذه القارة …ومیاه نھر النیل الخصبة المفعمة بالحیاة والنماء، ھى وحدھا التى أتاحت الفرصة أمام شريط زراعى مزدھر مستطیل لكى يمر بالطرف الشرقى لھذه الصحراء الكبرى.

ولقد إستعان المصريون القدماء بعدة كلمات للإيماء إلى الصحراء . فبداية، لقبوھا بكلمة "semt "سمت  وتعنى: "جبانة"، ثم سموھا كذلك "دشرت "، أى الأرض الحمراء "، التى يسودھا  "ست "، الإله الأحمر؛ وأيضا، عرفوھا ب "خاست "khaset   المنطقة الجبلیة؛ إيماءا إلى البلاد الأجنبیة … والمخصص الھیروغلیفى لكافة تلك الأسماء، يرمز إلیه من خلال شكل يمثل ثلاث حلمات، أى جبال. ففى واقع الأمر أن الصحراء كانت تشرف على أرض وادى النیل وتعلو علیھا؛ وھكذا، كان يقال عادة: "الصعود" نحو الصحراء.
 
من الناحیة الغربیة، تترامى الصحراء اللیبیة فى شكل ھضبة يتراوح ارتفاعھا ما بین 200 و 300  متر؛ وقد نرى، فى أنحائھا بعض القمم الجبلی ة المنعزلة بالمنطقة المتاخمة لطیبة، والتى تقطعھا بعض الوديان الجافة الضئیلة . وفى الاتجاه الغربى، تتحول ھذه الھضبة الصخرية إلى مساحات رملیة، يتخللھا عدد من المنخفضات المزدھرة الخضراء : الواحات . أما بالناحیة الیمنى، فترى الصحراء الشرقیة، التى تستھل بھضبة جیرية تھیمن على الوادى؛ وحیث ترتفع الجبال إلى ما يقرب من 2000 متر. وفى اتجاه البحر الأحمر، تساعد رطوبة الجو على استزراع محاصیل صحراوية ضئیلة لرعى وإعاشة قطعان المواشى والأغنام الخاصة ببدو الصحراء، الذين يعیشون حیاة الترحال فى تخوم وادى النیل؛ وكذلك لیقتات منھا الوحوش الكاسرة التى تجوب ھذه المناطق القفراء النائیة (ينظر: حیوانات).
 
وتساعد بعض الممرات على الربط ما بین الواحات وأرض وادى النیل . وفى اتجاه البحر الأحمر، تقود الطرق التى تتناثر الآبار على جانبیھا، إلى المناجم والمحاجر، والموانئ، حیث تنھمر البضائع المستوردة من بلاد "بونت ". وقد اھتم الملوك الفراعنة بتنظیم قوى بولیسیة مكلفة باستتباب الأمن والأمان عند تخوم الصحراء. ولكن، فى حالة إرسال حملات إلى تلك المناجم – خاصة القائمة بسیناء –والمحاجر، كان يراعى دائما مرافقة فرقة عسكرية مسلحة لمجموعات العمال. وضمن خیرات الصحراء، يجدر الإشارة إلى العسل البرى، والبخور العطرى . وكانت مجموعات ضخمة من الرجال توفد لإحضاره من صحراء "Ker Aha "كر عحا بشرق "منف ". وكان ،رمسیس الثالث يرسل مع ھؤلاء الباحثین عن العسل والبخور، قوات من القواسین والنبالین لاقتناص عددا من الحیوانات الكاسرة لتقديمھا كأضاحى للآلھة.
 
ولكن الصحراء كانت توحى دائما بمشاعر الرھبة والخوف . فقد كان المصريون، خلال رحلات الصید الكبرى، يتوجسون خیفة مما قد يقابلونه من وحوش أسطورية غیر مألوفة. فالصحراء ھى أملاك الإله "ست" الخاصة؛ وقد يلاقى المرء فیھا حتفه متأثرا بالظمأ والجفاف. وبالإضافة لكل ذلك، تجوبھا العشائر الرحل: وكانوا، إذا شعروا باضمحلال أو تداعى "الإدارة الملكیة" بمصر، يھاجمونھا ويغیرون علیھا بمصاحبة الشراذم الآسیوية من ناحیة سیناء . وعندئذ، يعم الخراب والأسى فى أنحاء وادى النیل، أى ما كان يسمى وقتئذ "ببساتین أوزي ريس". ومع ذلك، فبجوار "ست" الجھنمى الشیطانى ھذا، كان بعض الأرباب الأخر يھیمنون على الصحراء؛ وھم: "حا": إله الصحراء عن جدارة؛ و "سوبد "، ذو رأس الصقر؛ ويماثله "حورس إله إدفو " كملك آخر للصحراء؛ وأخیرا، ھناك "مین" رب القوافل المنطلقة من "قفط".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموسوعة الشاملة للحضارة الفرعونیة
تألیف: جى راشیه
ترجمة: فاطمة عبد الله محمود
مراجعة وتقديم: د.محمود ماھر طه

إشتـرك يصــلك كل جديــد:
*ستصلك رساله على ايميلك فيها رابط التفعيل برجاء الضغط عليه حتى يكتمل اشتراكك*

تابعونا على الفيس بوك

قائمة متابعي الموقع

تعريب وتعديل: بلوجر بالعربي

Crown of Egypt "تاج مصر للتراث الفرعوني"