المكتبة

محافل مميزه

الارشيف

لمتابعة جديد الموقع

البريد الإلكتروني " الإيميل "

الدعاية الدينية والسياسية في الأسرة الثامنة عشرة


الدعاية الدينية والسياسية في الأسرة الثامنة عشرة
بقلم : أحمد عبد العال


لقد تأثر ملوك و ملكات مصر القديمة بترويج القصص المختلفة بهدف الدعاية السياسية والدينية من أجل الاستيلاء علي العرش، وصوروها علي آثارهم الخالدة وروجوها بين الشعب لتثبيت أقدامهم علي العرش.
وقد ظهرت هذه الدعاية منذ عصر الدولة القديمة وربما من قبل ذلك ومن أمثلة تلك القصص حق الإختيار الإلهي لتحو تمس الثالث،والولادة المقدسة لحتشبسوت ، ولوحة الحُلم لتحو تمس الرابع.

هذا وقد اعتبر المصريون الزوجة الملكية الرئيسية هى زوجة الملك (الإله) وأن كانت من نسل ملكى سابق، لكن قد جئ بها من صلب جسدى مقدس (الهى)، ومن هنا نشأت نظرية تولى العرش. ورغم أن للملوك الحق فى الزواج بأكثر من واحدة، إلا أن الزوجة الملكية الرئيسية،إنما كانت تعتبر أنقى الزوجات دما، ولعل هذا هو السبب فى زواج الأخ بأخته التى لجأ إليها الفراعين، بغرض تأكيد صفاء الدم الملكى الالهى، فضلا عن التقليل من عدد المتطلعين إلى العرش.

1-حق الاختيار الإلهي لتحو تمس الثالث:_

على أن هناك بعضا من الملوك إنما قد لجأوا، فى تبرير شرعيتهم للعرش، إلى حق الاختيار الالهى، كما فعل "تحوتمس الثالث"، وذلك حين روى قصة دبرها أبوه مع الكهنة ليقيه من ضرر طموح "حتشبسوت" ومن ثم فقد ذكرت نقوشه أنه حدث خلال الاحتفال بعيد دينى كبير أن انتحى تحوتمس الصغير جانبا من البهو الشمالى فى معبد الكرنك ليشهد منه موكب ربه آمون، وكان حين ذاك قد انتظم فى التربية الدينية بالمعبد، ولكنه لم يكن قد بلغ بعد منصب "خادم آمون"، وعندما مر الموكب، والفرعون (تحوتمس الثانى) فى مقدمته، تعمد تمثال الإله أن يحوم بموكبه حول البهو الشمالى، وقد تبعه الكهنة ورجال الدولة دون أن يعلموا حقيقة هدفه، حتى بلغ موضع تحوتمس الصغير وتوقف عنده، فخر الأمير ساجدا، واعتبرها الكهنة حينذاك آية وفسروها برغبة الإله فى اختيار الأمير الطفل لعرش آبائه، ويوحى الإله أنهضوا الأمير وقدموه فى الموضع المخصص للحاكم وبعدها انكشفت له آفاق ربه وطار إلى سمائه وتلقى منه ألقابه.

على أن آخرين إنما عمدوا إلى قصص الولادة الإلهية، كما فعلت حتشبسوت وأمنحتب الثالث، حيث صور المعبود أمون، وهو يتخذ شخصية الزوج الملكى، ثم يتصل بالزوجة الملكية، اتصال الرجل بزوجته فتحمل الملكة وتنجب الفرعون، وقد حدث هذا فى نصى الولادة المشهورين، الواحد فى "معبد الدير البحرى" ويتحدث عن ولادة الملكة "حتشبسوت" من الإله آمون، والملكة "أحمس" زوج الملك "تحوتمس الأول"، والآخر: فى "معبد الأقصر" ويتحدث عن ولادة "أمنحتب الثالث" من الإله آمون، والملكة "موت أم ويا" زوج الملك "تحوتمس الرابع"، وفى كلا النصين نرى الإله أمون يتخذ شخصية "لزوج الأب" ثم يتصل بالملكة الأم "أحمس" أو "موت أم ويا" اتصال الرجل بزوجته، فتحمل الملكة، وتنجب الفرعون.

ولعل هذا إنما يعنى أن الإله آمون قد تخفى فى زى وجسد الملك الحاكم، ودخل بهذه الصورة على الملكة، وضاجع الزوجة الملكية العظمى، ووضع فيها البذرة الإلهية، التى أصبحت فيما بعد الملك المستقبل، أى أن المولد الإلهى الذى تم بمعجزة، كان دون تدخل من الملك، وأنه حدث من الإله 
الذى تخفى مؤقتا فى هيئة فرعون، وعلى ذلك فإن "أم الملك الإله" يجب أن تحتل مكانة لا نظير لها بين النساء.

وهكذا كان الفرعون وأمه، إنما يمثلان مع الإله آمون بالتناسق مع عائلته المقدسة، آمون وموت 
وخونسو- عائلة بشرية، يمثل فيها الإله أمون دور الأب، وتمثل الملكة دور الأم، ويمثل الفرعون دور الابن.

2- الولادة الإلهية للملكة حتشبسوت:-

عندما توجت "حتشبسوت" كفرعون أمرت بنقش مشاهد ولادتها فى معبد الدير البحرى على الجانب الشمالى من الجدار الذى يحمل الشرفة العلوية ان "آمون" الإله العظيم سيد السماء وعروش القطرين الذى اتخذ من طيبة مقرا له يتجلى هنا بصفته والدها وبالفعل فأن هذه المشاهد هى أول رواية تصل إلينا عن الولادة الإلهية وتعود الى العام 1500 تقريبا قبل الميلاد.
كانت "حتشبسوت" تعرف الحكاية الشعبية التى كان "جدى" أحد كبار السحرة قد رواها على مسامع الفرعون "خوفو" ليرفه عنه ويبدد شعوره بالملل كان "جدى" عجوزاً بلغ من العمر مئة وعشر سنوات. ورغم ذلك كان ما يزال يأكل من الخبز خمسمائة رغيف ومن اللحم نصف عجل ويشرب مئة بريق من الجعة. وكان يعرف كيف يعيد رأسا على مكانه بعد قطعه ويجعل أسداً يسير خلفه وكان على علم بأسرار معبد "تحوت".
غير أن "جدى" كان قد أعلن أن امرأة ستحمل حملاً إعجازياً بثلاثة أطفال ويكون والدهم هو إله الشمس "رع" ذاته، وعندما حلت ساعة الوضع، أرسل صاحب الجلالة "رع" الإله الفخارى "خنوم" برأس كبش وفى صحبته أربع إلهات متنكرات على هيئة راقصات موسيقيات للمساعدة على ولادة الطفال الإلهيين الثلاثة والإلهات هن: "إيزيس" و "نفتيس" و "مسخنت" و "حقات".
وسوف نتعرف على جدران معبد الدير البحرى على أبطال هذه الحكاية كان "جدى" يروح عن نفس فرعون ليبدد ملله، كانت حكايته تفسر وتشرح أسطورة مولد "حورس" الجد الأعلى لفرعون، وكانت شخصيات الحكاية تحل محل شخصيات الأسطورة، اما "حتشبسوت" فستستعيد البعد الأسطورى، وسوف تلهم الأسطورة الحكاية الرومانية التى تروى قصة "جوبيتير" و "السيمان" ألم يتخذ "جوبيتير" هيئة"أمفيتريون" زوج "السيمان" للتسلل إلى جوارها؟ وستتحول الأسطورة إلى المسرحيات الدينية المسيحية التى كانت تقام عروضها فى باحات كبرى الكاتدرائيات.
ولكن فلنعد إلى معبد الدير البحرى:
يحضر عدد من الآلهة ولادة "حتشبسوت" فبالإضافة إلى "مونتو" الإله المحلى القديم لمدينة طيبة وهو إله برأس صقر وريشتين، تحضر "حتحور" زوجة حورس الصقر وألهة الأسرات الملكية من التاسوع الكبير فى هليوبوليس "شو" و "حتشبسوت" و "جب" و "نوت" و"أوزيريس" و "إيزيس" و "نفتيس" و "ست".
القضية على قدر كبير من الأهمية؛ فالمسألة مرتبطة بميلاد أميرة ذات حول وطول، سيكون عهدها عهداً مجيداً وقوياً ويبلغ "أمون" هذه الآلهة المجتمعة أنه يتطلع إلى هذه الطفلة التى ستحكم مصر ولإنجاب "مات كارع" هذا املك الذى سيتربع فى المستقبل على عرش الوجهين القبلى والبحرى فإنه يتحرق شوقاً إلى الزوجة التى يحبها "تحوتمس" الأول والد "حتشبسوت" وهذه الطفلة وهى ثمرة عشقه سوف يقوم بتلبية كل طلباتها.
سوف أكون حامى أعضائها فى حين أنها تنمو وترتقى سوف أمنحها كل السهول وكل الجبال. سوف تهدى جميع الأحياء. ومن اجلها سوف أوحد القطرين فى سلام سوف تشيد معابدك وسوف تكرس مساكنك وسوف تكثر من أرغفة الخبز المقدمة لك وتعيد الاخضرار إلى موائد قرابينك وسوف أعمل على أن تعطى (مصر) فى زمانها أنهر نيل عظيمة وكل من يثنى عليها 
ويشيد بها سوف يحيا ومن يسب ويلعن مستخدماً اسم أحبة الجلالة سوف يلقى حتفه على الفور.
حينئذ، أرسل الإله الشمس "آمون – رع" وزيره الإله القمر "تحوت" ليبلغ من ستصبح أماً بقراره إن "تحوت" هو الرسول ولسان حال الآلهة.

((أذهب إلى مسكن العاهل الملكى القائم فى الكرنك وابحث عن اسم هذه الشابة فأنا موجود فى الأفق الذى فى السماء)).

وأنجز "تحوت" مهمته ونقل رسالته.
((هذه الشابة التى حدثتنى عنها، خذها الآن، إنها تدعى "أحمس" إنها أجمل من غيرها من النساء فى هذه البلاد بأسرها إنها زوجة هذا العاهل الملكى ملك الوجهين: القبلى والبحرى الملك "عاخبر كارع")).
فتقمص "آمون" هيئة الملك "تحوتمس الول" واصطحبه "تحوت" إلى حيث الملكة "أحمس"، وهكذا جلس الإله والملكة وجها لوجه على السرير المزدان برءوس أسود. فالأسود تشرف على الولادة والنوم والموت. إنها ترمز إلى الأبواب التى تفضى إلى عالم الليل هذا العالم الذى ينتهى بالخروج إلى النهار.
((ووصل هذا الإله العظيم (وصل) آمون القائم فى جنوب الكرنك وى رفقته رسوله "تحوت".))
((فوجدها بينما كانت تستريح فى بهاء قصرها استيقظت على عبير الإله، وابتسمت فى حضرة صاحب الجلالة عندئذ دنا منها على الفور وهو يتحرق شوقاً إليها فوضع قلبه عليها وجعلها تراه على هيئة إله وضمها إليه بينما كانت مغتبطة لأنها تستطيع مشاهدة جماله وإذا بحبه يتسرب إلى جسدها وانتشر عبير الإله فى أركان القصر فقد جاءت كل هذه الطيوب من "بونت" وصنع جلالة هذا الإله معها كل ما يشتهيه وعانقته)).
لقد حدث كل شئ بأكبر قدر من الحياء إن ساقى الإله والملكة تتداخلان بالكاد، ولكن فيضا من الحياة يصل بينها وهو ما يعنى أن الزواج المقدس مصدر عملية الخلق.
إن الإلهيتين "نيت" و "سرقت" تسندان قدمى "آمون" والملكة ويحضر المشهد الإله الفخارى "خنوم" وهو سيتولى تجسيد سر الولادة الإلهية ليعطيها هيئتها المادية سوف يشكل طفلين على عجلته: "حتشبسوت" وقرينها، والقرين هو هذا التوأم الذى يرافق الملك على امتداد حياته هو قوة الحياة التى تنمو بعد وفاة الملك وتضمن له انتصاره على الموت وإذا كان يبدو الطفل وقرينه ذكران، إلا أن النص بأكمله فى صيغة المؤنث.

لقد شكلت هذه الفتاة "ماعت كارع" التى تخصك، شكلتها من اجل الحياة والرخاء والعافية، من اجل القرابين، ومن أجل الطعام، ومن اجل الفطنة والذكاء والحب من أجل كل ما لذ وطاب.))

فهل تدخل المرمم فى زمن "رعمسيس" الثانى ليبدل جنس هذين الطفلين؟ ويمكن ملاحظة طمس وشطب بعض العلامات: فقد حل اسم "أحمس نفرتارى" محل اسم "أحمس" ما نصيب الخطأ فى ذلك؟ ما نصيب التغيير المقصود؟ ولماذا ظهرت "حتشبسوت" فى هيئة صبى؟ كلها أسئلة دون إجابة يقينية.
كان "تحوت" قد أبلغ الملكة "أحمس" أنها ستصبح أماً لطفل ذائع الصيت، وأنها بوضعها المرموق

بصفتها أميرة تقف فى مقدمة المحظيات والأثيرات، إنها السيدة التى تشاهد "حورس" و "ست" والتى اقترنت بـ"حورس" وإذا بـ"أحمس" تلد هذا الطفل الذى شكله الإله الفخارى "خنوم" تلد وهى جالسة على عرشها، إنها تحتضن الطفل، إن جماعة من الآلهة تحميها ومن حولها المرضعات والقابلان الإلهيات. ها هى "مسخنت" والآلهة رئيسة المرضعات، وأبوها "رع" ثم "بس" 

الإله القزم و"تاورت" الآلهة فرس النهر، فالأول هو سيد العشق والحب، والأخرى هى سيدة الخصوبة، وتبتهج وتغتبط رواح "به" و "نخن" وأرواح الشرق والغرب، وتطعم الملكة "أحمس" الطفل بينما تضع الإلهات علامة الحياة فوق رأسه فيوهب ملايين الحيوات.
وتقدمها "حتحور" إلى "آمون" الذى يعانق الطفل الصغير مراراً وتكراراً والذى يستقبلها بصفتها الأبنة المولودة من صلبه الصورة المتألقة المنبثقة من ذاته ("إيتت آخ") إنه يحبها أكثر من أى شئ آخر.
لك التحية أيتها الابنة المولودة من صلبى (أيا) "ماعت كارع"، الصورة النورانية المنبثقة من داخل (ذاتى) أنت التى تحتفظين بالقطرين فى حوزتك، على عرش "حورس"، مثل "رع".
ويلاطف "آمون" و "حتحور" الطفل.

ويُصدر "آمون" أمره بتوفير الغذاء لصاحبة الجلالة ولجميع كاءاتها إن الملكة جالسة على سرير برأس أسد، وتتولى إلهتان على هيئة بقرتين إرضاع "حتشبسوت" وقرينها، كما تتولى المرضعات إرضاع كاءات "حتشبسوت" الأخرى، وقيل إن لها أربعة عشر "كا" وسبع "باءات" وتحمل المرضعات علامة الـ"كا" فوق رأسها: ساعدين مرفوعين، أو علامة الـ "حمسوت": سهم وترس سيدتهن، الآلهة "نيت"، وفى الصورة يتناوب الـ"كا" مع الـ"حمست" مقابلة الأنثوى إن اللبن الذى تتغذى عليه "حتشبسوت" وكاءاتها يأتى من هذا المبدأ للحياة: الذكورة والأنوثة، إنه مبدأ للحياة يتجاوز حدود مصائر البشر العادية وتقربه من الشمس ومثل الشمس ستتمتع "حتشبسوت" بحيوات متكررة ومتعاقبة ويقدمها "آمون" مع "كا" ئها إلى "تحوت" الإله القمر، سيد الكلمة والكتابة، وسيصبح وزيرها كما أنه وزير الشمس والإلهان "حعبى" و "حكا" يقدمانها إلى إلهة أخرى، فأحدهما وهو إله النيل يمنحها الخصوبة، والآخر وهو إله السحر يمنحها موهبة الكلام.
ويدحرج "أنوبيس" أمامه قرصاً، إنه قرص الزمان الذى يدور حول نفسه عدداً لا نهائيا من المرات، أما الآلهة "سشات" وقد اتخذت هيئة "سفخت عبوى"، فإنها تمنحها أعداداً كبيرة من أعياد "سد"، وإبان هذا العيد يتجدد الـ"كا" الملكى لأن "حتشبسوت" مثلها مثل الشمس ستولد من جديد لمرات لا حصر لها وهكذا يتكرر سر ولادتها إن وجود "حتشبسوت" قائم خارج خط الزمان مستقيم، إنه وجود فى الأسطورة فى العود الأبدى.
وهنا نصل إلى مشهد الطفلة "حتشبسوت" وقد تطهرت بالمياه التى يسكبها عليها "حورس" و "آمون" إنه إرهاص يسبق المعمودية المسيحى.(1)

وتشب الطفلة وتترعرع إنها محبوبة "آمون" وإذ تجلس فى حجر "أمون" فإنها تداعب خد أبيها إله طيبة.
وأصبحت حتشبسوت ملكة علي مصر وقامت بدور الإله حورس ومثلته علي الأرض واتخذت لقب ابن الشمس بل وتشبهت بمظهر الرجال وارتدت زيهم كما استعملت الذقن الملكية المستعارة الخاصة بالرجال (1)
كما بدأت حتشبسوت ترسم نفسها في المعابد وهي ترتدي زي الرجال وتستخدم ضمير المذكر في النصوص، وكان هذا كله لكي توهم الناس أن التقاليد المتبعة لم يدخل عليه أي تغيير بوجود امرأة عل العرش(2)

وغضبت حاتشبسوت من هذه المساندة وبدأت تقوي حزبها حتي نحت الملك الشاب جانبا وأجبرته علي الإعتكاف، ثم لجأت إلي الدعاية فنشرت قصة بين الناس وصورتها علي معبدها في الدير البحري إدعت فيها أن المعبود (آمون رع) أنجبها بنفسه، وأن أباها البشري الملك تحوتمس الأول قد بارك هذه البنوة واختارها شريكة له في الحكم وأوصي بأن تخلفه بعد وفاته؛ فأظهرت القصة
آمون يبحث عن وريث شرعي للحكم من صلبه فيفكر في الملكة "أحمس" بعد مشاورة مع رسوله جحوتي رب الحكمة الذي مدحها فأعلن آمون علي بقية المعبودات أنه سيهبها مولدا ليكون ملكا، وأوصي آمون إلي خنوم أن يشكل جسد الجنين، وأختار آمون اسم المولودة
:" حاتشبسوت خنمة آمون" (بمعني: ذروة النبيلات صفية آمون) ثم قدمها كوريثة له علي الأرض، وفرح أبوها تحوتمس الأول بذلك ونشره علي شعبه وطاف به علي المعابد وأعلنها خليفته في الملك(3)

وكما فعل تحوتمس الثالث الذي عرف كوريث بوحي من الإله آمون في الكرنك ،وتحوتمس الرابع الذي فضله الاله امون ليتولي العرش ،أو إلي القصص الولادة الإلهية التي تكررت مع حتشبسوت
التي قدمها أبواها إلي الهة مصر كخليفة له، وامنحتب الثالث الذي تغلب علي اجنبية امه مدعيا أن الاله أمون قد أنجبه منها بنفسه(4)
وهو دليلا علي أن اعتقاد الفراعنة أن الأمر الواقع في ارتقاء العرش والهيمنة علي السلطة لا يكفي وانه لابد من تأييده بسند من الدين برضي الكهنة والخاصة والعامة(5)
وليس لنا أن نتخيل علي أية حال أن امرأة مهما تكن بهذا المظهر المسترجل تستطيع أن تصل إلي مثل هذه الذروة من القوة دون عون من الرجال(6)

كهف أرتميس(أسطبل عنتر):من الدولة الحديثة
أن أهم ما في الكهف هو نص حتشبسوت الذي نُقش علي واجهة الكهف الذي تُشير فيه حتشبسوت إلي التخريب الذي قام به الهكسوس ،ويعتبر هذا النص واحداَ من الآثار القليلة التي تتعلق بفترة الهكسوس والحديث عنهم .
"لقد رممتُ ما أصبح حطاماَ وأقمتُ ما لم يكن قد اُكمل منذ أن كان الآسيويون في قلب أفلويس في أرض الشمال ، ومنذ كان البرابرة في صميمها يخربون ما اُقيم بينما كانوا يحكمون متجاهلين إله الشمس"(7)
3- لوحة الحُلم للملك تحتمس الرابع:_

تحكي اللوحة الجرانيتية الموجودة أمام صدر أبو الهول والمعروفة باسم لوحة الحُلم عن الملك تحو تمس الرابع في الأسرة الثامنة عشرة ،أنه خرج للصيد في هذه المنطقة الصحراوية عندما كان شاباً، وكان أبو الهول مغطي بالرمال وعند الظهيرة جاء قرب أبو الهول ليتناول طعامه ويستريح قليلاَ في ظل رأسه وكان الرأس هو الجزء الظاهر من الرمال، وعندما أخذه النعاس رأي الأمير الشاب في منامه أن هذا المعبود يشكو له من تراكم الرمال عليه، ويبشره (حور أم أخت)..وهو الاسم الذي كان يطلق علي أبو الهول في ذلك العصر، بأنه سيصبح ملكاً إذا وعده بإزاحة الرمال من حوله ووعده الأمير تحو تمس بذلك وجدد الوعد بعد استيقاظه وحافظ علي سرية هذه الرؤيا فلم يخبر بها أحداَ، وحينما تولي هذا الأمير الحكم وأصبح يعرف الملك تحوتمس (الرابع) أمر برفع الرمال من حول أبو الهول وبناء سور من اللبن حول المكان ليمنع تراكم الرمال مرة أخري 
ويبدو أن هذه القصة قد ابتدعها تحوتمس كدعاية سياسية ودينية له ليقنع الناس بأنه اعتلي العرش بناء علي اختيار إله الشمس وربما ساعده علي ذلك كهنة هيلوبوليس ومنف الذي يقدسون"حور أم أخت" (8)

ولو أمعنا النظر في هذه القصة لرأينا فيها محاولة لتبرير وجوده علي العرش إذ لو كان الأمير الشرعي لما كان هناك داع لهذه القصة المخترعة(9)

ومن البديهي أن هذه الرواية إنما هي محاولة لتبرير جلوس تحو تمس الرابع على العرش هذا فضلا عن أن هناك ما يشير إلى أنه قد محى من مقبرة مربيه "حقر نحح" أسماء أخوته المراء واستبقى اسمه فقط، عندما أصبح فرعون مصر بلا منازع. ولعل كهان آمون قد غضبوا منه عندما أبعد أخاه صاحب الحق الشرعى فى العرش فجافوه ولم يقروه على ما فعل الأمر الذى جعله يتجه إلى كهان رع ويسعى لإعادة عبادة معبود هم.(10)

بلا أن هناك ما يشير إلى أن تحو تمس الرابع قد حارب كهان آمون، كما تشهد بذلك لوحات الحدود فى العمارنة، فضلا عن تشجيعه لعبادة أتون، بدرجة لم يسبق لها مثيل، حتى أوشك أتباع الشمس في عهده أن يتصدوا الدعوة، بل أن البعض إنما يذهب إلى أن تأليه أتون إنما يرجع إلى عهد هذا الفرعون الذي صدر على أيامه "جعران" تذكاري كبير الحجم جاء فيه أن أتون إلى أبد الآبدين، هذا فضلا عن أن هناك قطعة حجرية من العمارنة يظهر فيها الفرعون وهو يقدم قربانا لأتون بل أن اسم آتون إنما تسرب فى عهده إلى الجيش،فوجدت "سرية بها أتون" و "السرية اللألأة كآتون"(11)


-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-

المراجع
أنظر:- د.صدقة موسي علي :- الآثار المصرية ،جــ3،صــ31.
وايضاً :- نفس المؤلف :- تاريخ مصر الفرعونية،جـ2، المنيا 2010م، صــ62.
وايضاً :- د.احمد فخري :- مصر الفرعونية، 2006م، صــ216.
(2)د.سمير أديب:- موسوعة الحضارة المصرية القديمة ،صــــ356
(3)د.أحمد فخري:- مصر الفرعونية،مكتبة الأنجلو المصرية،2006م،صــ216،215.
(4)د.صدقة موسي علي:-تاريخ مصر الفرعونية،المنيا 2008،صــ306

"صورت رحلة بلاد بونت وصورت قصة الولادة المقدسة في جدران المعبد البحري"
(5)د.محمد علي سعد الله:-الدور السياسي للملكات في مصر الفرعونية،تقديم:د.محمدجمال الدين مختار 
،مؤسسة الشباب الجامعية،1988م،صــ29،28
(6)د.صدقة موسي علي:-نفس المرجع السابق،وأيضاً أنظر بالتفصيل د.صدقة موسي علي:- الآثــار
المصرية القديمة ،ج3،صــ104
(7)سير آلن جاردنر:-مصر الفراعنة، ترجمة:د.نجيب ميخائيل إبراهيم،
مراجعة:د.عبد المنعم أبو بكر، الهيئة المصرية العامة للكتاب1973،صـ207
"ولكن هناك أماكن متعددة في الكرنك تبدو فيها (حاشبسوه) في زي الذكور وتتقدم(توثموزيس الثالث) الذي يظهر حقاً كملك ولكن بوصفه شريكاً"
(8) بالتفصيل الدقيق أنظر/ د.صدقة موسي علي :- آثار بني حسن الخالدة، المنيا 2009
(9)نفس المؤلف:-تاريخ مصر الفرعونية(محاضرات)،جـ2 ،صــ325
(10)د.أحمد فخري:-نفس المرجع السابق،صـــــ229
(11)د.صدقة موسي علي:- المرجع السابق
(12) منتدي علماء الآثار، قسم آثار مصري


إشتـرك يصــلك كل جديــد:
*ستصلك رساله على ايميلك فيها رابط التفعيل برجاء الضغط عليه حتى يكتمل اشتراكك*

تابعونا على الفيس بوك

قائمة متابعي الموقع

تعريب وتعديل: بلوجر بالعربي

Crown of Egypt "تاج مصر للتراث الفرعوني"