قائمة الروابط
محافل مميزه
الارشيف
لمتابعة جديد الموقع
أدوات


أدوات
لاشك أن للأدوات ضرورة قصوى فى إطار الحضارة المصرية، التى جمعت، بكل حمیمیة : المعنويات والروحانیات، والفن والحرف الیدوية المقدسة . وقطعاً، كانت لرمزية الأدوات أھمیة عظمى، لدرجة ان الفرعون، كان يقوم، بصفة شعائرية، بوضع الأدوات (أو أشكالاً صغیرة تمثلھا) الخاصة ببناء معبد ما، بداخل كوات دقیقة تحفر بالأركان الأربعة لمثل ھذا المبنى. بل إنه يضیف إلیھا أيضاً بعض المأكولات والأغذية. وعلى ما يعتقد، أن تلك القرابین، كانت تضع تحت أمر الإله الذى كرس له المعبد مختلف الوسائل التقنیة التى تتوافر لدى البشر الذين يبدعون إنجازاته وأعماله فى الحیاة الدنیا. وبذلك تستطیع القوة الإلھیة العظمى أن تعتمد على الذكاء البشرى الذى يتسم به الفرعون وكاھنه الأكبر (إنھما الوحیدان المسموح لھما بدخول قدس الأقداس المزمع تشییده فى المعبد)، بل وجمیع من يساھمون فى بناء "بیت الإله" ھذا. والجدير بالذكر، أنه قبل البدء فى عملیة الإنشاء، وفى نھاية طقوس وضع الأساس، كان الفرعون يقدم ھذا الإھداء، قائلاً، "إننى أھب ھذا السكن الإلھى".
ولا ريب أن مثل ھذه الحال، كانت تتطلب توافر وعیاً مكتملاً للعمل المزمع إنجازه، بالإضافة إلى بصیرة ثاقبة للھدف الروحانى الواجب تحقیقه. وخاصة، لم يكن يشوبھا أى نمط من أنماط النزعة الفنیة، أو العمل الإجبارى، أو العبودية، وعلى مستوى ھذه الممارسة الروحانیة لبناء معبد ما، تكتسب مختلف الأدوات المستعملة نوعاً من الرمزية. بل أن العمال الذين يعملون بھا يتحولون إلى كھنة تابعین لإله خفى ومستتر: إنھم كمثل جحافل النحل فى الخلیة الإلھیة.
ولكن، نجد أن نفس تلك الأدوات، كانت توضع بداخل المقابر، بالرغم من أن المتوفین لیسوا من الفلاحین، أو الحرفیین، بل ھم من علیة القوم ووجھاءھم على مستوى البلاط الملكى؛ أو كھنة . ومرجع ذلك ھو: أن الأدوات ترمز بصفة عامة إلى العمل الذى كان يؤديه كل مصرى وھو على قید الحیاة، بأسلوبه الشخصى وفى إطار مھنته، من أجل تحقیق رفعة مصر وازدھارھا (إنھا أرض الآلھة ). بل وترمز مختلف الأدوات أيضاً إلى: السلام، والعدل (ماعت) والتناغم السائد فى مملكة "القطرين ": حیث يعتبر كل مصرى نفسه، من الوجھة الرمزية فلاحاً ومزارعاً (فمن خلال موقفه وإنجازه، قد عمل مجازياً على الإنبات والإستزراع). بل ويعد أيضاً كحرفى: فإن حیاته، ھى بمثابة بناء ما (طبیعى، ومعنوى أو روحانى). وبفضل مختلف الأدوات التى توضع بداخل المقابر، يستطیع المتوفون أن يبرءوا أنفسھم أمام محكمة أوزيريس، ويكملون مھمامھم على المستوى الروحانى .
ولھذا، تستطیع أن ترى كبار رجال المملكة والفراعنة الملوك،فوق جدران معابدھم، وھم يحرثون الأرض أو يشیدون بعض النصب والمنشآت الإلھیة، أو يعبرون میاه القنوات، أو يخبزون الخبز. وفى ھذا المجال، لا يھم مطلقاً لقب أو رتبة من يقوم بالعمل، ولكن الذى يھم فى المقام الأول، ھو العمل الذى ينجزه بأدائه . ولعلنا، من خلال كل ذلك، يمكننا أن نتفھم جیداً: لماذا يساھم المتوفى (سواء أكان ملكاً أو كاتباً بسیطاً)، فى أعمال رى أراضى مصر، وتشیید "بیوت حیاة" جديدة، وفى العمل من أجل توفیر الغذاء لمصر.
ينظر: نحل، معمار، أساس، ھرم، معبد.