المكتبة

محافل مميزه

الارشيف

لمتابعة جديد الموقع

البريد الإلكتروني " الإيميل "

الملك الولي عند قدماء المصريين

الملك الولي عند قدماء المصريين
الملك الولي عند قدماء المصريين
الملك الفواعلى ....... الولى :-
أحد أجمل مشاهد مدينة هابو (البر الغربى , الأقصر) و هو المعبد الجنائزى للملك رمسيس الثالث ...... نرى فيه الملك و هو يقوم بالزرع و الحصاد . المشهد بالكامل يصور الملك و هو يحرث الأرض , و يزرع , ثم يحصد , و لكن الصورة المتاحة الآن لا تظهر الجزء الخاص بالحرث . و يعقب ذلك الوقوف فى وضع التبجيل أمام كل من حابى (رمز النيل / التيارات المائية / طاقة الأرض ) وطائر البنو (العنقاء) و هو يقف فوق حجر البن بن (رمز البعث و الخلود / الدورات الكونية ) .
نلاحظ فى الفن المصرى أنه كان دائما يحمل معنى مزدوجا ...... معنى ظاهر مرتبط بالعالم المادى و معنى باطن متصل بعالم الروح .
هذا المشهد يمكن تفسيره بالمعنى الظاهر و هو أن الملك يزرع و يحصد ثم يقدم الشكر و العرفان لحابى (النيل) الذى كان له الفضل فى نمو هذا الزرع .
هذا هو المعنى الظاهر .
و لكن هناك أيضا معانى باطنية (روحانية) فى هذا المشهد لأن أعمال الحياه اليومية فى مصر القديمة لم تكن فقط أعمال دنيوية , اذ لم تفصل الحضارة المصرية بين ما هو دينى و ما هو دنيوى ..... فكل عمل كان يقوم به المصرى القديم هو لهدف دينى (أو بمعنى أدق هدف روحى / باطنى) .
كان العمل اليدوى هو أحد الطرق التى يكتسب بها الصوفى (المصرى) المعرفة الروحية , فكل فعل يأتى به الانسان فى هذه الحياه الدنيا هو تجسيد لطاقته حيث يترك الفاعل جزء من طاقته (الكا و الآخ) فيما تركه من عمل . و كل ما نقوم به من أعمال مادية له مردود و تأثير على وجودنا فى العالم الآخر .
فالعمل اليدوى الذى يقوم به الملك رمسيس الثالث فى هذا المشهد انما هو لتجسيد طاقته على الأرض و اكتساب المعرفة الروحية و تفعيل الآخ (تفعيل القدرة الالهية) . و مفهوم تفعيل القدرة الالهية بالعمل اليدوى ما زال راسخا فى الضمير المصرى حتى اليوم حيث نقول على عمال البناء "فواعلية" .
و حابى كان رمز للنيل (لتيارات الماء النهرية) و أيضا رمز لتيارات الطاقة الحيوية تحت سطح الأرض و التى تسير فى مسارات تتبع فيها مسارات أنهار جوفية تجرى تحت سطح الأرض , حيث من المعروف أن هناك أنهارا من المياه الجوفية تجرى تحت سطح الأرض و تتبع مسارات الطاقة الحيوية مسارات تلك الأنهار الجوفية .
فى حين أن حابى مرتبط بتيارات الماء على الأرض (سواء فوق سطح الأرض أو تحتها) , نجد رمز طائر البنو (العنقاء) على العكس تماما , فطائر البنو هو طائر النار ..... و تقول الأسطورة أن هذا الطائر ظهر عند بداية الخلق (أى بداية الدورة الزمنية , فالخلق دورات) ووقف فوق حجر البن بن (المادة الأولية) الذى كان أول ما ظهر من بحر الفوضى نون ...... هذا الهبوط لطائر البنو فوق حجر البن بن حدث فى بدأ الخلق فى هليوبوليس و كان علامة لبداية الدورة الزمنية ..... هذا الطائر غادر , و هو يعود عند نهاية الدورات الزمنية الكبرى لكى يحط فى مدينة هليوبوليس و يموت و يتحول الى رماد , و من الرماد المحترق يخرج للوجود طائر بنو وليد .
اذن طائر البنو مرتبط ب السماء / الدورات الكونية / البعث / الوعى الأعلى/ عنصر النار .
فى حين أن حابى مرتبط ب الأرض / الماده / العمل اليدوى / التجسيد / manifestation / عنصر الماء
نلاحظ أن الملك رمسيس الثالث يقف أمام قوتين كونيتين هما على النقيض من بعض ..... و لكنه يجمع بين الاثنين فى مشهد واحد ..... هذا المزج و الجمع و المصالحة و الملاءمة بين المتناقضات هو ما يعرف بالخيمياء , و هى جوهر الصوفية و النجاح فى ذلك هو هدف كل صوفى .
و الجمع بين رمز حابى و طائر البنو الواقف فوق حجر البن بن هو رمز لتجسيد الطاقة الروحانية manifestation على الأرض فى صورة أفعال مادية و هذا التجسيد للطاقة له مردود على الكيان الروحى للانسان لأنه يقوم بتفعيل ال "آخ" أى تفعيل القدرة الالهية فى الانسان فيؤدى به الى أن يبعث من جديد مثل طائر البنو الذى يبعث من جديد عند بداية كل دوره زمنية جديدة .
و أيضا الجمع بين الأرض و السماء (الدورات الكونية) فى مشهد واحد يقوم فيه الملك بدور البطولة يلقى الضوء على الدور الكونى الذى كان يقوم به الملك فى مصر القديمة ..... فلم تكن وظيفة الملك فى مصر القديمة هى ادارة شئون الدولة المادية فقط و لكن كان الملك يقوم بدور الوسيط أو الجسر بين الأرض و السماء , و يرتبط بالدورات الفلكية
و بعد أن يموت يصبح جزءا من النظام الكونى و يمكنه أيضا أن يقوم بدور فعال فى مساعدة الأحياء على الأرض و هو مفهوم "الولى" فى الصوفية . فالملك فى مصر القديمة لم يكن فقط حاكما اداريا بقدر ما كان ولى من الأولياء يعمل لخدمة الناس أثناء حياته .... و بعد موته يمكنه أيضا مساعدتهم عن طريق امدادهم بالطاقة الحيوية و وسيلة الاتصال فى ذلك تكون عن طريق تقديم القرابين لمقامه ..... و لذلك كانت اقامة المعابد الجنائزية لتقديم القرابين للولى الذى انتقل للعالم الآخر ..... و لاننسى أن هذا المشهد من المعبد الجنائزى لرمسيس الثالث .
--------------------------------------------------------------------------------------------
كل الشكر للأستاذ مصطفى جاد الله الذى ساهنت كتاباته فى توضيح المعانى الباطنية لهذا المشهد .

إشتـرك يصــلك كل جديــد:
*ستصلك رساله على ايميلك فيها رابط التفعيل برجاء الضغط عليه حتى يكتمل اشتراكك*

تابعونا على الفيس بوك

قائمة متابعي الموقع

تعريب وتعديل: بلوجر بالعربي

Crown of Egypt "تاج مصر للتراث الفرعوني"