تاج مصر Crown of Egypt

الاستغراق فى أحلامه والفكر التصوفى. وتأثر بشكل فائق بشخصیة أمه "تى " القوية وببعض أجداده العظام المؤلھین الذين
كانوا يدينون بالعبادة الشمسیة خاصة … ونھج أخناتون عل ى نفس النھج العقائدى الذى كان
يتبعه أباه أمنحتب الثالث. ولكنه، من ناحیته، تمادى فیه إلى أقصى درجاته. فانتزع من كھنة آمون
كافة امتیازاتھم الدنیوية، وممتلكاتھم، وأھلیاتھم. بل ولجأ إلى تحطیم وتدمیر أسماء وصور
وأشكال "آمون" وكتاباته فى أجواء المعابد.
وفى العام الرابع من حكمه، قام أمنحتب الرابع بتغییر إسمه إلى : أخناتون (روعة آتون ).
وغادر طیبة مدينة "آمون". وشید عاصمة جديدة فى مصر الوسطى، فوق أرض غیر مكرسة لأى
إله من الآلھة. وأعتبرت ھذه المدينة الجديدة، خاصة بالإله الجديد: "آتون". وبالتالى، أطلق علیھا
إسم: أخیتاتون. وفى الحین ذاته، قام كبار موظفى المملكة العاملین فى خدمة الفرعون
"أخناتون"، بدمج إسم "آتون" فى أسمائھم الشخصیة.
وفى إطار ھذا التعديل والتغییر الھائل، كان أخناتون يجد التعضید والمساندة، بل بالأحرى
الدفع والتحفیز من جانب أمه تى وزوجته نفرتیتى. وعلى ما يبدو، أن أخناتون، قد انكب كلیة على
الاھتمام بفرض ونشر عقیدته الشمسیة الجديدة، والترنم والشدو بعظمة وإجلال إلھه الأوحد
المعبود. ولذا، لم يولى الإھتمام الواجب لشئون وأحوال الإمبراطورية الواسعة المدى الذى أنیط
بھا: وھكذا، تدھورت الأحوال وتفاقمت بھا فى أقصر وقت.
وعلى المستوى الداخلى، كان كبار الموظفین العابدين لآتون يحظون بنفوذ وسطوة
ھائلة. ولذلك، فبعد وفاة أخناتون، اضطر خلفاؤه لوضع خطط للعمل، خاصة، على تحجیم كبار
موظفى ومسئولى الخزانة الملكیة. وفى أواخر عھده، اشتعلت الكثیر من الثورات وحركات التمرد
الشعبى فى قلب مصر نفسھا. ولذا، فقد مثلت بعض المناظر الجدارية، صورا للحراس النوبیین،
وھم يقتادون أمام الفرعون أخناتون أعدادا كبیرة من المواطنین المصريین، والأجانب المتھمین
بالتمرد والثورة.
وبخارج حدود مصر؛ تمكن الحیثیین من انتزاع "المملكة المیتانیة" من المعاھدة المصرية .
ودأبوا على إشعال الفتن والقلاقل فى سوريا وفینیقیا. وبدون جدوى أو فائدة، لجأ ريبعدى، ملك
جبیل لطلب عون فرعون مصر أخناتون؛ وھكذا، تمكن خصمه اللدود، عزيرو ملك دمشق من
احتلال جبیل؛ وصرعه قتیلا. بعد ذلك، لجا إلى خداع أخناتون، وتوجه إلیه للدفاع عن نفسه وإثبات
ولائه له، وھو فى حقیقة الأمر ألد أعدائه. وبالإضافة لكل ذلك، تمكن البرابرة الخابیرو والسوتو من
الاستیلاء على القدس؛ وكان ملكھا موالیا لمصر وخاضعا لھا : وبذلك تمكنوا من الإطاحة تماما
بالسیادة والسطوة المصرية فى "كنعان".
ومن المعتقد أن "أخناتون"، فى أواخر حیاته، قد اختلف مع زوجته الملكة نفرتیتى . ولجأ
!
إلى إشراك الأمیر "سمنخ كا رع" فى الحكم، وزوجه من إبنته "مرى آتون". وحقیقة إننا لم نحط
تماما علما بأسباب الخلاف الذى دب بین أخناتون وزوجته نفرتیتى . ولكن ربما أنه كان استتباع
للإختلاف العقائدى فیما بین ھذين الزوجین الملكیین. فربما أن أخناتون قد حاول التصالح مع كھنة
آمون. ولكن نفرتیتى لم تحبذ ذلك مطلقا. وبذا لجأ الفرعون إلى إرسال إبنته وزوجھا إلى طیبة
تحت رعاية كھنة آمون؛ ولكننا لا نعلم حقیقة استتباعات ذلك …وعند وفاة أخناتون، بعد حوالى
ثلاث سنوات؛ لم نحط علما بمصیر سمنخ كا رع …فربما أنه قد توج ملكا فى طیبة، ثم سرعان ما
انتقل إلى العالم الآخر بعد ذلك مباشرة!.. ولذا، أعتبر توت عنخ آمون ھو خلیفة أخناتون المباشر
فى "العمارنة".