المكتبة

محافل مميزه

الارشيف

لمتابعة جديد الموقع

البريد الإلكتروني " الإيميل "

نظم الإدارة في مصر القديمة

نظم الإدارة في مصر القديمة
منذ نشأتھا الأولى، حظت مصر بھیئة إدارية فائقة التطور والتقدم . وعادة، كان الملك،
يحتل أسمى وأعلى قمم ھذا الكیان الإدارى. وخلال العصر الثینى، كان القطران الموحدان معا ما
زالا يتمتعان بوجودھما الفعلى الحیوى. فكانا
یستوعبان فى إطارھما الكثیر من كبار الموظفین فى كل من ھاتین العاصمتین: "بوتو"، فى الشمال؛ و"ھیراكونبولیس" بالجنوب.
ونحن لا نعرف الكثیر عن الإدارة الخاصة بمنطقة الدلتا . ولكن، فیما يتعلق بمصر العلیا،
فقد أحطنا علما بوجود: المجمع، وكبار موظفى مصر العلیا العشرة، حیث كان كل منھم يشغل
منصبا محددا، ربما يكون إسمیا فى واقع الأمر.
والجدير بالذكر أن فكرة التقسیم إلى اثنین وأربعین منطقة، أو مقاطعة، قد عرفت منذ ذاك
الحین. وقد نھجت الأسرات الملكیة القائمة "بمنف" على تطبیق مبدأ "المركزية "، أى بالتحديد،
استحواذ الملك فعلیا على كافة مقالید السلطة فى مصر. خاصة أنه المالك الوحید لكافة أراضى
وادى النیل.
وعلى قمة "الإدارة" يوجد الوزير: أى أعلى موظفى المملك ة شأنا . ولكن، بصفة عامة،
كان يتم اختیاره من داخل نطاق العائلة الملكیة؛ أى بالتحديد من بین أقرباء الفرعون وأبنائه . بل
كان الملك، يلجأ أيضا إلى اختیار كبار الموظفین "بالإدارة"، والقضاة، والكھنة، والقادة العسكريین،
والمحافظین من ضمن أفراد عائلته. ونجد أن ھذه الوظائف الكبرى قد أصبحت وراثیة، تؤول من
الآباء إلى الأبناء. بالتالى، ففى أجواء مصر العظمى المترامیة الأطراف المتمتعة بالثراء والفخامة،
خاصة خلال الأسرة الخامسة، بدا بكل وضوح ظھور طبقة من نبلاء القوم وعظمائھم :تحولوا إلى
أثرياء إقطاعیین؛ وقويت شوكتھم وازدھرت وازدادت خطورتھم خلال العھود التالیة : وھكذا، تمكنوا
من الإطاحة بالنظام المركزى خلال عصر الانتقال الأول: وعندئذ، تكونت، على أشلاء المقاطعات
القديمة السابقة الكثیر من الولايات الإقطاعیة.
ولكن ملوك الدولة الوسطى فى طیبة، تمكنوا من إعادة نفوذ السلطة المركزية ثانیا، بعد
تحجیم مقدرة طبقة النبلاء الإقطاعیین وقمعھم . وعادت مفاتیح وأسس الفاعلیة الإدارية إلى
قبضتى الفرعون ثانیا. وأصبح حكام المقاطعات مجرد موظفین تابعین للبلاط الملكى؛ ومع ذلك،
بقیت وظائفھم على ما كانت علیه: وراثیة بكل معنى الكلمة.
ويبدو واضحا، أن مصر خلال الدولة الوسطى، قد قسمت إلى ثلاث مناطق كبرى : الدلتا
(ورت محت)؛ ومصر الوسطى (ورت شمعو)، ومصر العلیا (ورت تب شمعو). وتم تحديد كبار
موظفى المملكة الأربعة كما يلى : "الوزير الأعلى "، "القائد الأعلى للجیش "، "رئیس المزارع
والحقول" أى "المسئول الأكبر عن الزراعة"؛ و"كاتب المحفوظات الملكیة" (ربما أن وظیفته تتطابق
بتلك الخاصة بوزير الداخلیة حالیا ). ومع ذلك، فبجانب "الوزير " وھو أھم شخصیة فى الإطار
الوظیفى، يوجد "مدير الأختام": المكلف بإدارة وتنظیم الخزانة الملكیة.
حقیقة أن الإدارة المالیة قد استمرت فى أداء دورھا الھام الحیوى خلال الدولة الحديثة،
ولكن طرأ علیھا بعض التغیر إلى حد ما: فكان "المسئول المالى الأوحد" خلال الدولة الوسطى،
عُین الكثیر من "الكتبة" و"مديرو الخزانة الملكیة". وھكذا أصبحت الإدارة أكثر تشعبا وتعقیدا: فبعد
السلطة الملكیة، لوحظ أن ثلاثة أفراد يمارسون نفوذھم فى إطار المملكة؛ وھم: "الوزير الأعلى"،
و"نائب الملك فى النوبة"، و"نبى آمون الأكبر" وبدا واضحا أن أھمیة وخطورة ھذا الشخص الأخیر
قد ازدادت وتفاقمت بشكل فائق الحد: فأصبحت توجیھات الآلھة – التى يتحدث بلسانھا – ھى
التى توثق وتشرع القرارات الملكیة؛ وآمون ھو الذى يفعمھا بقواه الإلھیة التنفیذية!! وقد سادت خلال التاريخ الداخلى للدولة الحديثة ظاھرة الصراع بین السلطة الملكیة وبین
نفوذ وقوة كھنة آمون. وفى نھاية الأمر، حُسم ھذا التنازع، بانتصار نھائى أحرزه ھذا الإله : حیث
سیطر خلال الأسرة الواحدة والعشرين "الملوك – الكھنة" على عرش مصر.
ولا ريب أن سیاسة الغزوات التى نھجت علیھا الدولة الحديثة قد عملت على بلورة نمط
إدارى حديث ھو: الإدارة الإقلیمیة فى "النوبة". ولكنھا، بالرغم من ذلك، بینت أن الضرورة تحتم
أيضا وجود "إدارة غیر متمركزة" فى بلاد آسیا الخاضعة لمصر . فحقیقة أن تلك المناطق الموالیة
للسلطة الفرعونیة، قد احتفظت باستقلالھا وحكمھا الذاتى؛ ولكنھا، مع ذلك، كانت ملزمة بتقديم
ضرائب باھظة ثقیلة الوطئ، إلى ملك مصر. وبالإضافة لذلك، فھى مجبرة على إعاشة القوات
الحربیة المصرية المتمركزة على حدودھا وتموينھا بكافة مستلزماتھا. وكذلك، يتحتم علیھا إرسال
أبناءھا الأمراء الآسیويین إلى مصر، لكى يلقنوا ويعلموا مبادئ وأصول التعلیم والتربیة المصرية …
وأيضا، لیكونوا بمثابة رھائن.
ويتضح تماما أن "الإدارة المصرية" قد تأسست على نظام وظیفى وعملى فائق القوة والصلابة؛
ولكن على شئ من التعقید والتشابك. ولكنھا، مع ذلك، ھى بمثابة النبع الأساسى الذى تدفق
منه بغزارة ثراء مصر الإقتصادى، بل وسطوتھا وعنفوانھا. ولكن ھذا البلد سرعان ما بدأ يعانى من
مظاھر الفوضى، والغزوات الخارجیة حالما تراخت وضعفت سطوة السلطة المركزية.

ـــــــــــــــــــــــــ
الموسوعة الشاملة للحضارة الفرعونیة
تألیف: جى راشیه
ترجمة: فاطمة عبد الله محمود
مراجعة وتقديم: د.محمود ماھر طه




إشتـرك يصــلك كل جديــد:
*ستصلك رساله على ايميلك فيها رابط التفعيل برجاء الضغط عليه حتى يكتمل اشتراكك*

تابعونا على الفيس بوك

قائمة متابعي الموقع

تعريب وتعديل: بلوجر بالعربي

Crown of Egypt "تاج مصر للتراث الفرعوني"