تاج مصر Crown of Egypt

من المؤكد أن الطبقة السائدة فى مصر، ھى المكونة من الموظفین . وحیث كان يتحتم
على كل موظف أن يكون، فى المقام الأول كاتبا. وبالتالى،

استتبع ذلك وجود "آداب" بكل ما تعنیه ھذه الكلمة فى عصرنا الحالى. وحقیقة أن ما تبقى من ذاك الإنتاج الأدبى العريق، الذى كان

ينقش فوق الحجر؛ والشقافات، واللوحات الخشبیة وأوراق البردى يبدو لنا حالیاً، ضئیلا للغاية .

ولكن، مما لاشك فیه مطلقا، أنه على قدر رفیع المستوى والأھمیة.

وقد كتبت تلك النصوص بالھیروغلیفیة (المنقوشة على المنشآت )، وأيضاً بالھیراطیقیة؛

وخلال الحقبة المتأخرة، بالديموطیقیة. وتتسم الكتابات الأكثر قِدما بالسمات الدينیة وھى: "متون

الأھرام"، التى ترجع إلى عصر الدولة القديمة . وقد لاقى ھذا النمط من الآداب انتشارا واسع

المدى، ولكنھا، مع ذلك، لم تكن ذات قیمة أدبیة كبرى (ينظر : كتابات، وكتب جنازية ). وتتجلى

الآداب الدينیة، من خلال الأساطیر (نشأة الكون، وحك ايات أسطورية إلھیة : أسطورة أوزيريس )،

والترانیم والتراتیل. أما عن الحكم والأمثال، والتعالیم، فھى تشكل طرازا قائما بذاته؛ أخذ يزدھر

بداية من الدولة الوسطى؛ ومر بفترات تجدد واستحداث فوضوى حتى نھاية "العصر المتأخر ".

ولعلنا لا ننسى أيضا، فى ھذا الصدد، الآداب ال دينیة؛ وھى على ما يبدو، من خصائص الأدب

المصرى فقط.

وتعد "الدولة الوسطى" بمثابة الفترة الكلاسیكیة للآداب المصرية . فخلالھا، ظھرت

الحكايات، والھجاء اللاذع. وفى فجر تلك الحقبة أيضا، تطورت ونمت المواضیع التى تفیض

بالتشاؤم والإحباط، والتى استوعبت وتكونت خلال "عصر الانتقال الأول " خاصة، حیث نظمت

إحدى روائع الشعر المصرى القديم: "أنشودة عازف القیثار". وبمجئ "الدولة الحديثة"، انتشر إنتاج

أدبى واسع المدى، وفائق التنوع: قصائد فى كافة المجالات، وأشعار عاطفیة، وأناشید النصر،

وأغانى، ورسائل، أصبحت، بعد ذلك، بمثابة نموذج يحتذى به فى مجال الأسلوب الأدبى.

ولیس ھناك أدنى شك أن الآداب المصرية قد تمیزت بتنوع الأسالیب والأشكال، وتباين

المواضیع وتعددھا. وبقراءة ھذا الكم الھائل من الوثائق الأدبیة التى تبقت لنا، يتبین أن المصريین

عامة، كانوا مولعون وشغوفون بالحیاة، ولیس بالموت، كما يعتقد البعض واھماً.

الموسوعة الشاملة للحضارة الفرعونیة
تألیف: جى راشیه
ترجمة: فاطمة عبد الله محمود
مراجعة وتقديم: د.محمود ماھر طه