المكتبة
الصولجان في مصر القديمة
10:54 م | 
Posted by
Mahmoud
الصولجان في مصر القديمة
يتبین أن شارات ورموز الملكیة والمقدرة الإلھیة، التى ينطبق علیھا إسم "صولجان "، كانت كثیرة ومتعددة. وكان "الواس"، وھو عصاة ينتھى أسفلھا بما يشبه المذراة الصغیرة وأعلاھا شكل رأس أرنب برى منمنم ومزرقش إيماءا إلى الحیوان المرافق للإله "ست ". وأعتبر ھذا الصولجان كرمز لمقاطعة "طیبة" التى عرفت بإسم "واست "، أى: "مدينة الصولجان ". أما عن الصولجان الذى تمسك به الإلھات، فھو لا يعدو أن يكون سوى فرع نبات البردى المتماثل "بالعمود البردى الشكل “papyforme” " وھو يحمل إسم : "وادج"، أى: الإخضرار؛ ويرمز إلى الشباب الأبدى. ومن خلال المشاھد الرسمیة، يرى الملك، وقد ضم إلى صدره الصولجان الصلیبى الشكل المعروف بإسم : "حكا "، وكذلك ال سوط "نخخ ": والإثنان يرمزان إلى الإله أوزيريس؛ وكان قد أعارھما إلى الإله البدئى فى "بوزيريس"، ويدعى: عنجت . ومعنى إسمه : "الراعى والحامى ".
وقد مثل من خلال الأشكال والرموز الأولیة الخاصة بتلك المقاطعة فى ھیئة راعى أغنام يمسك بیده عصا الرعاة المعقوفة الرأس (التى أصبحت فیما بعد: الصولجان "حكا ") والسوط (بعد ذلك، الكرباج: "نخخ"). ولاشك أن الرمزية ھنا تامة الوضوح : فإن الملك ھو "راعى " شعبه وحامیه؛ ويقوده بواسطة عصا الرعاة، ويحمیه بالسوط (أصل كلمة نخخ ومعناه: ،nekh ھو: نخ ،“nekhekh” يحمى ويقى).
بالإضافة لذلك، يحظى الملك برموز وشعارات أخرى تدل على سطوته ومقدرته، وھى : الصولجان "خرب"، ربما كان بدئیا، مجرد مذبة ذات رأس أسطوانیة الشكل : وكانت بمثابة سلاح المقاتلین بمنطقة "جبل –العرق" فى أواخر عصر ما قبل الأسرات . وكذلك، ھناك المذبة، ولھا رأس فى ھیئة ثمرة الكمثرى، وكانت تتخ ذ كسلاح استعراضات، فى عھد كل من الملكین "العقرب" و"نعرمر"؛ ولكن، من بعدھما، شوھد "توت عنخ آمون" أيضا وھو ممسك بھا فى يده .
وأخیرا، فى إطار الدولة الحديثة، يشاھد آمون، وھو يمنح الملك، تقديرا لانتصاراته الحربیة، السیف المعقوف الطرف الذى يتطابق شكله مع نظیره "الخرب" الذى كان يتسلح به الملوك الأسیويین. بالنسبة لقدماء المصريین بالعصور التاريخیة، لم يكن الصید عامة مجرد وسیلة للحصول على القوت والزاد. فحقیقة أنھم كانوا يخرجون للصید، للحصول على القنائص والفرائس التى كانوا يشغفون بأكلھا مثلھم كمثل بقیة شعوب العالم؛ أو ربما لھدف حماية حدود القرى والمناطق النائیة من خطر الحیوانات الضارية المفترسة. ولكن الصید، بالنسبة لھم، كان أيضا بمثابة تسرية عن النفس وكنوع من اللھو؛ بل كوسیلة لتكوين وإعداد معرض خاص بالوحوش الكاسرة ببساتین
الفرعون ونبلاء القوم.
وكانت مستنقعات الدلتا متخمة للغاية بالطیور المختلفة الأنواع والأشكال. وقد قدمت لنا الرسوم الجدارية بمقابر أثرياء المصريین، وھم يجوبون تلك المستنقعات فوق مراكبھم الخفیفة الوزن المصنوعة من البردى: وھا ھن الزوجات وبناتھن، أثناء مرورھن بالأيكات الكثیفة وھن يجمعن باقات من الزھور والرياحین؛ أو يمسكن فى أيديھن ببعض الطیور التى تم صیدھا أو اقتناصھا. وفى ذات الحین، نرى الزوج والابن وھما يسددان أدوات الصید التى تصیب الطیور أثناء تحلیقھا. وأحیانا، كان الصیادون يخرجون فى مجموعات : حیث يرمون بشباكھن لاقتناص مجموعات ضخمة من الطیور المحلقة فوق صفحة المیاه، وقد يضعون شراكا فى عدة أمكنة لاقتناص الطیور بكل سھولة ويسر.
أما عن الصید فى أجواء الصحراء، فكان يمارس بنوع من الفخامة والأبھة.ولذا، أعتبرت ھذه "الرياضة" – إذا صح التعبیر ھنا – من خصائص الأمراء والفرعون فقط . وربما أنھم، أحیانا، كانوا يكتفون بمراقبة تابعیھم وخدمھم وھم يلاحقون الحیوانات الكاسرة ومعھم كلاب الصید أو الضباع ويقتنصونھا بواسطة الأنشوطات. ولكنھم، بصفة عامة، كانوا يفضلون المشاركة فى مثل ھذا العمل.
وكان ملوك مصر مولعون للغاية "بتصوير" أنفسھم خلال مغامرات الصید ھذه وصولاته: فھا ھم، ممثلون وھم يشدون أقواسھم أمام أنظار الإعجاب والانبھار من جانب رجال حاشیتھم؛ ويسددون سھامھم الخاطفة المتعددة إلى جحافل الغزلان، والماعز، والخنازير البرية، بل والأسود الكواسر أيضا التى أعتبرت خاصة كفريسة ملكیة بكل معنى الكلمة . حیث كان ملوك "الدولة الحديثة" يتباھون فى فخر واعتزاز بالأعداد الھائلة التى صادونھا أو اقتنصوھا من ھذا الوحش الضارى. وقد أعتبرت حیوانات الصحارى بمثابة أفضل وأحسن قربان يمكن تقديمه للآلھة . فكان رمسیس الثالث يأمر بتنظیم فرق كاملة من الصیادين لكى يقتنصوا من الصحراء الخنازير الوحشیة التى يلزم الأمر تقديمھا إلى "كا" الإله "رع" خلال احتفالاته.
________________
الموسوعة الشاملة للحضارة الفرعونیة
تألیف: جى راشیه
ترجمة: فاطمة عبد الله محمود
مراجعة وتقديم: د.محمود ماھر طه
Labels:
