قائمة الروابط
محافل مميزه
الارشيف
لمتابعة جديد الموقع
اليونان قديما


اليونان قديما
تقول الكتابات المتعلقة بالعصر البطلمى، أن كلمة "إغريق" تعنى، بالمصرية القديمة: "حاو – نبوت". وترجمة "نبوت ": "سلة ". ومن خلال بعض التلاعب بالألفاظ، أضفى المصريون على ھذا الإسم، مضمون : "من يحیطون بالملك (= نبتى ). ولقد ظھرت تسمیة "حاو – نبوت "، بداية من "الدولة القديمة"، من خلال "متون الأھرام". واعتبروا، بداية من ذاك العصر: أنھم "ما قبل الھلینیین ".
فھاھو إذن تعادل وتواز ما بین "حاو – نبوت" والإيجیین. وقد دعمه وعضده العلماء الألمان خاصة . ثم قام "بییر مونتیه" باستعادته، بل وترجم تلك العبارة إلى: "الھلینیون راكبو السفن ". ووفقا لما ذكره "جان فیركوتر"، فلم يكن ھؤلاء "حاو – نبوت" سوى عشائر غیر مصرية يعیشون فى سواحل الدلتا، ولم يسموا بالإغريق إلا فى العصر البطلمى.
وربما، يستحسن أن ننبذ قلیلا ھذا المفھوم الذى يقول أنھم الرواد الأوائل للھلینیین، عاشوا فى جنبات مصر بداية من "الدولة القديمة ". والأحرى بنا الرجوع إلى ذاك المضمون الذى قدمته النصوص الواضحة الجديرة بالثقة: بدا الإغريق يتخللون فعلیا فى أجواء مصر وأحوالھا، خلال حكم الملوك الصاويین، أى حوالى القرن السابع قبل المیلاد . ولكن، من المؤكد أن بعض ملاحیھم، قد استطاعوا أن يتوغلوا فى أنحاء السواحل المصرية ويعیشون بھا قبل تلك الفترة: فھذا ما بینته، على سبیل المثال "قصة بروتى "Protée بكتاب "الأوديسا"؛ ومع ذلك، فإنھا تعد كحالة استثنائیة، ولیست ظاھرة عامة. وتجدر الإشارة إلى أن الفرعون "بسماتیك الأول" كان أول من استعان بالجنود المرتزقة الإغريق، وھیأ لإقامتھم معسكرات خاصة، لحماية أراضى الدلتا ضد الغزوات الأسیوية. بعدئذ، سرعان ما توافدت أعداد كبیرة من تجارھم إلى أراضى وادى النیل . وخلاف ذلك، توافد إلیھا "الملیسیین "، الذين شیدوا حائط "الملیسیین"، الذى يعد كأول سوق تجارى ضخم إغريقى بمصر. بعد ذلك، انتشر الإغريق فى مختلف مدن مصر: سايس، وتل بسطة، ومنف؛ ووصلوا حتى أبیدوس : وبھا، تمركزوا بشوارع وأحیاء خاصة بھم؛ حیث تناثرت وتعددت محالھم التجارية.
ولقد منحھم الملك "أمازيس" مدينة نوكراتیس؛ بل وأكثر من جنودھم المرتزقة فى جیشه . وھكذا، كان ھؤلاء الإغريق مكلفون بحماية مصر، من ناحیة آسیا، ومن جھة لیبیا والحبشة وحتى "إلفنتین". ونلاحظ أن أغلبیة ھؤلاء الإغريق ينتمون إلى جنس "الأيونیین "؛ بالإضافة أيضا إلى فئات "الكريتیین"، و"الأيولیین"، و"الدوريین". ومع ذلك، كانت النصوص الديموطیقیة، تشیر إلیھ م جمیعا باقتضاب بإسم "الأيونیون": ومنذ ذاك الحین، أصبحت كافة الحروب التى يشنھا الملوك الصاويین وحلفاؤھم، تستوعب فرقا من المرتزقة الإغريق. بل كانت الدول الإغريقیة مثل أثینا وإسبرطة، تبعث إلى مصر بكتائب اعتیادية مقاتلة. وھكذا، أصبح للإغريق مطلق الحرية فى السفر إلى مصر أو الإقامة بھا. وھكذا، نرى أن "ھیرودوت"، استطاع أن يجوب ويتجول فى كافة أنحاء الدلتا؛ وتوغل حتى مصر العلیا. ولقد شغل السرد الخاص برحلته ھذه، الجزء الأول بأكمله من كتابه المعنون : "وقائع " (أو: تحقیقات). وبذا، اخذ الإغريق يزدادون ارتباطا بتاريخ مصر. وھكذا، عندما جاء البطالمة، تمكنت أسرة إغريقیة (مقدونیة ) من ارتقاء عرش الفراعنة . واتخذوا من الإسكندرية عاصمة لمصر .
ولاشك أن الحضارة المصرية مضت فى مسیرتھا؛ سواء بالاندماج بالثقافة الإغريقیة، أو بمؤازرتھا. واستطاع ھؤلاء الإغريق، أن يستوعبوا إلى حد ما الحضارة المصرية، لتتمخض عن ذلك، فى نھاية الأمر : الحضارة البطلمیة. وأصبحت اللغة الإغريقیة، فى كافة أنحاء مصر ھى اللغة الدارجة، بشكل متواز مع اللغة المصرية. ولعلنا نلاحظ، أن ھذه الأخیرة، بعد فترة زمنیة مديدة، عندما تحولت إلى "القبطیة "، قد استعارت فى كتاباتھا أبجدية متطابقة بالإغريقیة: وتخلت بذلك، عن الأسلوب الكتابى الخاص بالأسلاف المصريین القدماء.
ومع ذلك، لعلنا نعلم، أن المصريین الرفیعى المستوى الثقافى، كانوا، من قبل ذلك بكثیر يتحدثون اللغة الإغريقیة، ويكتبونھا. وفى نفس تلك الفترة، اكتسبت كافة مدن مصر أسماءا إغريقیة، ما زلنا نرددھا حتى يومنا ھذا. أما عن "مانیتون"، فمن ناحیته، خلع، من خلال قوائمه الشھیرة، على الفراعنة الملوك المصريین، أسماء ھلینیة غريبة الشأن .. ما زلنا نستعین بھا حتى الآن.
______________
الموسوعة الشاملة للحضارة الفرعونیة
تألیف: جى راشیه
ترجمة: فاطمة عبد الله محمود
مراجعة وتقديم: د.محمود ماھر طه
تألیف: جى راشیه
ترجمة: فاطمة عبد الله محمود
مراجعة وتقديم: د.محمود ماھر طه
