قائمة الروابط
محافل مميزه
الارشيف
لمتابعة جديد الموقع
مساكن النوبیین


مساكن النوبیین
على مقربة من العاصمة "عنیبة"، كُشف عن طرازين من مساكن النوبیین خلال التنقیبات التى أجريت عند التعلیة الثانیة لسد أسوان الأول. فالنمط الأول يتعلق بالبیت المتواضع الحال، ويبدو فى ھیئة كوخ مستدير الشكل. ولم يكن السقف يدعم بواسطة وتد مركزى، بل بالعكس، بفضل عدة أوتاد مجاورة لبعضھا بعض. وعن المدخل، فتقف على حمايته حجرة صغیرة أمامیة، توفر الخصوصیة والحمیمیة لغرفة المعیشة الكبرى: التى قد يصل طول محورھا إلى ستة أمتار. أما الطراز الثانى من المساكن: فھو يتكون من عدد من الحجرات المتتالیة. وقد يصل عددھا فى بعض البیوت إلى ثمانیة: حیث يبلغ طول محور المنزل حوالى سبعة عشرة متراً.
وبداخل مواقع الإيواء ھذه، كانت تتجمع، على حد سواء، مساكن البشر . على مقربة من أماكن فسیحة تتراص فیھا صوامع الغلال وحظائر الحیوانات. ولم يعثر أبدا على منازل تتسم بأى مظھر من مظاھر الفخامة والثراء .. فقد كانت كافة المساكن متشابھة.
تخطیط وإعادة تكوين لمسكن نوبى خلال عصر الدولة الوسطى المصرية – "عنیبة".
بعیدا عن التجمعات السكانیة المدنیة، والحصون المصرية، بدا واضحا أن النوبیین كانوا حريصون للغاية على حماية أنفسھم ضد اللصوص والسالبین الذين لا يتوقفون عن ھجماتھم الشرسة أبدا. فقد حاولوا، بواسطة أسالیب ووسائل، نادرة للغاية أن يستوحوا من تجارب "مُحتلیھم القدامى ورعاتھم". فھاھى، على سبیل المثال، قرية محصنة، مثل الكثیر غیرھا فى بلاد "واوات"، قد أستكشفت خلال التنقیبات التى تمت بمناسبة عملیات إنقاذ آثار النوبة. يلاحظ أنه: على الضفة الشرقیة لوادى السبوع، قد شیدت ھذه القرية عند حافة جرف صخرى رأسى، وقد أحیطت بجدار من الحجر الخشن. إن ھذا الاكتشاف غیر المنتظر، الذى لا مثیل له أبدا، قد لفت أنظارنا فجأة إلى خلال عصر الدولة الوسطى . (C) الأحوال المعیشیة التى كان يعانیھا النوبیون المنتمون للمجموعة حیث كانوا، يعیشون فى خوف وھلع دائم من الھجمات والاعتداءات المباغتة . وبالتالى، كانوا يحتمون وراء، جدران عالیة ضخمة؛ يتكدسون فوق بعضھم بعضا، مع مواشیھم وحیواناتھم!!.. وھاھو وصف لا نظیر له، مفعم بالحیوية والحیاة، واقعى تماما، بل وفى الصمیم : يقدمه لنا عالم الآثار الفرنسى "سیرج سونیرو"، المنقب البارع .. خاصة أن الموقع المكتشف لا، ولن يكون له مثیل أبدا .. حیث ابتلعته المیاه:
"بالداخل (.. ..) من المؤكد أن نتصور وجود ترتیبات وتنظیمات معیشیة كاملة. فمن الممكن أن نتبین ھنا: مئات من الساحات المسورة، والبیوت الصغیرة المربعة الشكل، الضیقة، عند حافة الجرف الصخرى؛ وأيضا بیوتاً مستطیلة النمط متراصة وملتصقة بجوار بعضھا بعضا: قد تكون أحیانا فى ھیئة "كتل" ھندسیة، أكثر ارتفاعا فوق الجرف الصخرى. وبأعلى موقع، ترى ساحات واسعة محاطة بأسوار موزعة حول الصخور المتعددة. وفى وسط القرية، يشاھد مبنى مستدير الشكل ذو تربیطات ضخمة منتصبة رأسیا. إنه يتمیز، بھیئته ھذه عن الأكواخ الھندسیة الشكل المجاورة . ويتصل كل ذلك، بواسطة بعض الدروب والطرقات الملتوية، التى تنحدر فوق بروزات ونتوءات الھضبة؛ وقد سور من جوانبه الثلاث. لقد حصنت القرية بواسطة جدران عالیة ضخمة من الحجر الخشن؛ لا يقل سمكھا عن متر كامل عند القاعدة، ويصل ارتفاعھا إلى أكثر من مترين ونصف. وعند المحور الغربى – شرقى لھذه القرية، فى اتجاه الھضبة، ينفتح باب محصن، تعمل على حمايته أدغال كثیفة فائقة المساحة. ويقوم بحراسته معقل قوى، يدعمه من الخارج المدخل الشمالى المحاذى للممر. وھناك بابان آخران: أحدھما يفتح فى اتجاه الشمال، بجوار النیل، أما الثانى، فإلى ناحیة الجنوب . ويتبین أن ھذا الباب ما يزال، حتى الآن يحتفظ بساكفته. وھو لا يؤدى مباشرة إلى القرية .. بل إلى ممر عمودى على الجدار الضخم.
قرية نوبیة محصنة فى "وادى السبوع" – الدولة الوسطى.
"وعلى مدى امتداد الساحة، أجريت فجوات عديدة، على مسافات متفاوتة، فى الجدار الفائق السمك لتكون بمثابة مرمى لرشق السھام وتصويبھا: فإنھا تتیح الرؤية والدفاع فى آن واحد . وعلى مقربة من النیل، يلاحظ أن القرية قد انفتحت على أوسع مدى . ولكن، ھذا لا يمنع أبدا أن الجرف الصخرى، ينحدر من قمتھا انحدارا عموديا رھیبا!!.. إذن، والحال ھكذا، كان سكان القرية لا يخشون أى مفاجأة ضارة من ھذا الجانب المتاخم للنیل؛ بل وكذلك، فى داخل قريتھم ھذه، ومن أى ناحیة من نواحیھا. عموماً، فقد لوحظ أيضا، بعض المقابر، شبه الدائرية، المقفلة من ناحیة الأرض .. حیث يستطیع الحراس مراقبة الوادى".