قائمة الروابط
محافل مميزه
الارشيف
لمتابعة جديد الموقع
تناقل السلطات الإسكندر والمقدونیون > الإسكندر فى مصر


تناقل السلطات الإسكندر والمقدونیون
الإسكندر فى مصر:
الإسكندر فى مصر:
لاشك أن المعركة الأولى التى شنھا الإسكندر على "الجرانیك " (مايو 334 ق.م) ھى التى مھدت له الطريق إلى إفیس ھالیكارناس والأناضول الوسطى . أما الانتصار الثانى الذى أحرزه فى إسوس ضد "دارا" نفسه (نوفمبر 333 ق.م)، فقد سمح له، بالرغم من بعض الصعوبات، بإخضاع عدد من المدن الفینیقیة جبیل وصیدا والفلیسطینیة (غزة). وبالنسبة للملك الفارسى مازاكیس الذى كان قد وصل لتوه إلى مصر، فلم يستطع مقاومته. وھكذا، خضعت أرض وادى النیل، بدون أى قتال لھذا القائد المقدونى: وبذا، استطاع أن يدخل متوجاً بالنصر إلى "منف" فى خريف عام 332 ق.م. وحقیقة أن الإمبراطورية الفارسیة قد استؤصل منھا جزؤھا الغربى كاملاً، ولكنھا كانت ما تزال صامدة تماما .
وبدأ "دارا الثالث" يجھز جیشاً جديدًا فى "بابل". ومع ذلك، فقد استطاع الإسكندر أن يحقق ھدفه الأول: إخضاع البحر والسیطرة علیه، وكذلك الجزر والسواحل، ودحر الفرس إلى ما بعد نھر الفرات . وعندئذ، قرر أن يقیم معسكراته الشتوية فى مصر، لكى يعمل، فى آن واحد على إعادة تنظیم ھذا البلد، وأيضًا لیؤمن مؤخرة جیشه وإعداده للھجوم المقبل الذى أزمع القیام به بالربیع المقبل عام 331 ق.م.
وحالما وصل الإسكندر إلى "منف" حاول، من خلال الاحتفالات والأعیاد، تأكید السِمة المزدوجة لحكمه: مصرية وإغريقیة معا. فوفقًا لما ذكره "آرين ": سارع إلى تقديم أضحیات للآلھة المصرية وبصفة خاصة "أبیس". وأقام استعراضات للألعاب الرياضیة والفنیة، شارك فیھا أكثر المحترفین شھرة وبراعة، الذين وفدوا من كافة أنحاء الیونان. وبدأ تشیید مدين ة الإسكندرية الجديدة فى الأشھر التالیة. ربما فى أوائل عام 331 ق.م ووقع الاختیار على موقع غرب المصب الكانوبى، على الشريط الساحلى، فیما بین البحر وبحیرة مريوط . وتم تأسیسھا وفقا للطقوس الإغريقیة التقلیدية: حیث يحتل العنصر الإلھى مكانة عظمى . فإن الضرورة كانت تس تلزم استقطاب حماية الآلھة نحو ھذه المدينة الجديدة . وكما ذكر "آرين " أيضًا : "لقد وضع الملك شخصیاً تصمیم ھذه المدينة. وعین المكان الذى ستقام به الأجورا وحدد عدد المعابد، والآلھة التى ستكرس من أجلھا : الأرباب الإغريق، بل والربة إيزيس المصرية أيضًا". أما "بلوتارخ" فقد قال: "لقد أراد الإسكندر أن يشید مدينة عظمى، ويؤھلھا بعدد ھائل من السكان، جمیعھم من الإغريق، ويسمیھا بإسمه . وبلا شك، أن سكان ھذه المدينة، قد أصبحوا، فى نھاية الأمر خلیطًا متباينًا شديد الإختلاط ببعضه بعضًا، فالحقیقة أنھا قد أنشئت أساسا من أجل الإغريق لا للمصريین . فقد كان المصريون يسمونھا "را - قد" وبالیونانیة "راكوتیس". وتعنى باللغة المصرية: "ساحة التشیید". فالعمال ھم الذين لقبوا بھذا اللقب ھذه المنشأة الأجنبیة تماماً عن تقالید وآلھة بلدھم : ولنفس ھذا السبب، لم تدمج الإسكندرية أبدًا بالجغرافیا الثقافیة والدينیة الخاصة بمصر (م. شوفو) "وقد بنیت المدينة وفقا للتخطیط على ھیئة مربعات منسقة. وبعد فترة ما، قام الملك برحلة إلى "واحة سیوة " حیث كان يرغب فى استشارة وحى الإله آمون. وقد ذاع صیت ھذا الأخیر فى نطاق العالم الإغريقى، حیث كان "آمون" يصور فى ھیئة الإله "زيوس" وفى واقع الأمر أن الإسكندر لم يكن الإغريقى الوحید، الذى اتجه لاستشارة الوحى الإلھى. فھناك على سبیل المثال "سیمون الأثینى " من معاصرى أواسط القرن الخامس ق.م، قد فعل ذلك أيضًا. وھكذا، فقد سلك الإسكندر الطريق الساحلى حتى وصل إلى "باريتونیوم" (مرسى مطروح). وھناك استقبل بعثة من مدينة "قورينة" (برقة حالیا)، قدمت إلیه بعض الھدايا الدبلوماسیة (مركبات – وجیاد). واعتبر ذلك، بمثابة أسلوب للإقرار بسیادة ھذا المقدونى. والجدير بالذكر أنه منذ بداية نشأة ھذه المدينة الإغريقیة (الإسكندرية) فى القرن السابع ق.م، قامت علاقات متمیزة بینھما وبین "سیوة "، حیث تبادلا التجارة بشكل فعال ونشط . ومن المحتمل أيضًا أن أتباع آمون (سكان الواحة)، قد ارتبطوا بعلاقات تجارية مع واحات الجنوب ولا ريب أن ھذا ما تبرره الأعمال التى أنجزت بالمعبد تحت رعاية الفرعون أحمس الثانى (أموزيس )، وأيضًا رغبة "قمبیز" فى الاستیلاء علیه، والإسكندر ھو الآخر، كانت تداعبه طموحات سیاسیة وھو يقود جیشه نحو "سیوة". ووفقًا لما ذكره الكتاب القدامى، تمیزت رحلة الإسكندر على طريق الآبار بسلسلة من العلامات الإلھیة المبشرة له. ولكن بالنسبة لأحوال استشارة الوحى الإلھى، فنحن لا نعرف عنھا شیئًا بالتحديد. فعلى ما يبدو أن الإسكندر قد التزم الصمت التام بعد أن دخل بمفرده إلى أعمق أعماق المعبد. وبذا، فھا ھو "آرين" قد اكتفى بالإشارة قائلاً: "بعد أن استمع إلى ما يتمناه قلبه - وفقاً لقوله - عاد ثانیاً إلى مصر، من نفس الطريق. ولكن "أريستیبول"، وأيضاً "بطلمیوس بن لاجوس"، فقد ذكرا أن طريقاً آخر مباشر، أوصله إلى "منف". ولعلنا نعلم أيضًا أنه كان يتوق إلى تبؤ مرتبة "ابن آمون وبذا، مثلته الكثیر من العملات المعدنیة وقد توج رأسه بقرنى كبش ملويین، رمز إله الواحة
وتبین بعض النصوص الكلاسیكیة أن الملك قد عبر عن رغبته فى أن يدفن فى واحة سیوة. وحتى إذا كان الإسكندر قد أفصح عن ھذه الأمنیة، فإنھا لم تنفذ أبدًا من جانب خلفاؤه.
كان علیه بعدئذ اتخاذ الاجراءات المواتیة لتوفیر نمط من الأداء الجید لمصر. ولقد اعتبرت ارض وادى النیل كمقاطعة متمیزة تماماً عن الإقلیمین الآخرين: الغربى (أوكل به إلى المدعو أبولونیوس ). والغربى (تولى حكمه كلیومین النوكراتیسى الشھیر ). ولكن بالنسبة لمصر، فقد عین الإسكندر حاكمین مصريین ھما: (دلوسبیس) و (بیتیزيس). وعمل على تقسیم كافة أنحاء مصر بین ھذين الإثنین. ولا يتطابق ھؤلاء الحكام مطلقً ا بزعماء المقاطعات، فإن ھذا اللقب الإغريقى يتماثل بالمصرى، الذى استوعبه ديوكیت وترجمه إلى : (إدارى، مالى، اقتصادى). ولكن فى النصوص البطلمیة اعتبر ھذا اللقب متطابقًا بوظیفة رفیعة المستوى أسست فى عھد أموزيس واستمرت حتى الفترة الفارسیة، وقد وزعت ما بین العديد من حاملى ھذا اللقب على مدى القرن الرابع ق.م.
جملة القول، أن الإسكندر قد عمل على الإستعانة بالتقالید الإدارية التى كانت سارية من قبل بأرض وادى النیل. بل واحتفظ بعدد من الناس الذين عملوا فى إطار الحكم الفارسى . وقد بین "آرين" فى بعض كتاباته: أن ھؤلاء الحكام خلال حكم كلیومین، كانوا مكلفون بمراعاة الإلتزام بالقوانین التى اتبعت على مر العصور. وخلاف ذلك وفى كافة المناطق الأخرى، ترك الإسكندر كتائب وفرق احتلال بقیادة الضباط والإغريق والمقدونیین، وأحدھم يدعى بیوكستاس . الذى جاء ذكره بإحدى الوثائق الديموطیقیة. فعلى ما يعتقد أنه كان قد اتخذ بعض الاجراءات لمنع الجنود من دخول أحد المعابد.
ترى، ھل تُوج الإسكندر رسمیًا "فرعونًا" على مصر إبان مروره بھا؟!… فى واقع الأمر، لیس من السھل الإجابة على مثل ھذا السؤال بتأكید تام، خاصة، أنه لم يشار صراحة لمثل ھذه المراسم من خلال أى نص جدير بالثقة الفعلیة. وقد أُرخت الوثائق الخاصة والرسمیة بداية من فترة حكمه فعلى سبیل المثال، تم تأريخ إحدى اللوحات الجنازية المكرسة للثور بوخیس بالعام الرابع من عھد الإسكندر.
ويمكننا أن نذكر أيضاً قائمة جرد خاصة بمعبد "ماعت " (بطیبة؟ )، كُتبت فوق لوح خشبى صغیر بالكتابة الھیراطیقیة، "أعدت إبان حكم جلالة ملك مصر العلیا والسفلى، الإسكندر" وكان قد قرر وضع قائمة جرد عامة لكافة معابد مصر. ولكن، خلاف ذلك، أنجزت الكثیر من الأعمال باسمه ھو فى نطاق عدد كبیر من المعابد المصرية ففى "الواحات الغربیة"، يوجد بالواحة البحرية أحد المعابد النادرة التى شیدت فى عصر الإسكندر. وفى "قصر المسجويبة"، وخلال عودته من "سیوة": مُثل الإسكندر وقد تبعه أحد الكھنة، وھو يقدم إناء إراقة الخمر "لحورس"، كما يتراءى وجود الملك فى العديد من المواقع بمصر العلیا، بمنطقة طیبة. ففى "أرمنت" عثر على خرطوش باسمه. وفى الكرنك، استطاع الإسكندر، بشكل أو بآخر أن يغتصب معبد آمون –رع الذى كان قد شید فى عھد تحتمس الثالث: وقد أعید بناء جزء من مقصورته خلال حكمه، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض النقوش البارزة التى كانت قد أبدعت فى عصر تحتمس الثالث. وھا ھى إحدى الكتابات التى لا تدع أى مجال للشك فى رغبته إثبات بنوته الإلھیة وتسلسله الفرعونى: "إنه تجديد أجراه للمعبد ملك مصر العلیا والسفلى، سید القطرين، ستب ان رع مى آمون، ابن رع، حامل التیجان، الإسكندر – مُتع بالحیاة الأبدية". وعرف أنه قد بنى "فى عھد جلالة – حورس – الثور – الجسور – الذى – أشرق – فى طیبة (……) تحتمس "! وفوق جدران المقصورة، مثل الإسكندر فى ھیئة فرعون، أثناء تقديمه بعض القرابین للآلھة : فبدا متوجًا بالتاج المزدوج، وھو يتلقى رموز الحیاة من آمون – رع "ملك السماء والشريك فى حكم طیبة". ثم وھو يضع على رأسه التاج الأحمر، ويقدم ماعت للإله آم ون – رع الذى يحكم عرش القطرين لصوابه وعدله.
وقد أثبت الإسكندر وجوده أيضًا فى الكرنك، وكذلك بالأقصر، حیث قام مھندسوه المعماريون بتحويل أحد معابد الإستراحة الخاصة بالمراكب الإلھیة الذى كان قد شید خلال عھد أمنحتب الثالث، إلى معبد صغیر مقفل. ونلاحظ أن جدران معبد الإسكندر ھنا قد زخرفت ببعض المشاھد الملحق بھا كتابات تشیر بوضوح ودون أى لبس إلى "مجموعة ألقاب ووظائف قائد فاتح مقدونى الأصل أدمج بالسلالة الفرعونیة المصرية العريقة". وفى ھذا المجال، وُجھت إلیه التحیة وكأنه أحد الآلھة، وملك القطرين، ورب الاحتفالات، ابن آمون – رع، ملك الأقواس التسعة، إلخ .. .." إذًا فلیس ھناك أدنى شك أو ريبة، فى أن الإسكندر فى حیاته الدنیوية وبعد مماته قد اعتبره المصريون كفرعون بكل معنى الكلمة. وكذلك الأمر بالنسبة لخلیفته فیلیب أرھیدايوس الذى شیدت وزخرفت باسمه الكثیر من النصب والمنشآت بالكرنك وبمناطق أخرى. وأخیراً، فھناك بعض الحكايات الشعبیة التى نظمت فیما بعد فى إطار "قصة الإسكندر" تقول : أن الإسكندر ھو ابن أولیمبیا التى أنجبته من آخر الفراعنة نختانبو الذى صور فى ھیئة ساحر؟.
____________
الإسكندرية ملكة الحضارات
تألیف: جان إيف أمبرور
ومجموعة من علماء الآثار
ترجمة: فاطمة عبد الله محمود
مراجعة: محمود ماھر طه
تألیف: جان إيف أمبرور
ومجموعة من علماء الآثار
ترجمة: فاطمة عبد الله محمود
مراجعة: محمود ماھر طه
